للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والامتيازات، خلاصتها أن يستقر الزغل سيداً في مدينة أنْدَراش وما إليها، وأن يكون له ألفا تابع من بني وطنه، وأن يمنح معاشاً سنوياً كبيراً، وأن يمنح دخل نصف ملاحات مدينة الملاحة، وأن يرسل في استحضار أبنائه الأمراء من غرناطة نظراً لخصومته مع ملكها، وأن تكون جميع أملاكه وأملاك ذويه في غرناطة حرّة من كل حق ومغرم، وأن تكون هذه العهود ملزمة لملكي قشتالة ولعقبهما من بعدهما، وأخيراً أن يوافق البابا على هذه العهود (١). بيد أنه لم يمضِ قليل على ذلك، حتى شعر مولاي الزغل أنه يستحيل عليه الاستمرار في ذلك الوضع المهين، فنزل لفرديناند عن حقوقه وامتيازاته لقاء مبلغ ضخم، وجاز البحر إلى المغرب، ونزل في وهران أولاً، ثم انتقل إلى تلمسان، واستمرّ يقضي بها بقية حياته في غمرات من الحسرات والندم، ولبث عقبه هناك قروناً يُعرَفون ببني سلطان الأندلس، وجاز معه كثيرون من الكبراء الذين أيقنوا أن نهاية الإسلام في الأندلس قد غدت قضاءً محتوماً (٢).

وقد نقل إلينا صاحب أخبار العصر، رواية مفادها أن تسليم مولاي الزغل لملك قشتالة، كان نوعاً من الخيانة المقصودة، وأنه تنازل هو وقواده عن البلاد التي كانت تحت أيديهم طوعاً مقابل قبض ثمنها، وذلك لكي ينتقم الزغل من ولد أخيه الأمير أبي عبد الله محمد بن علي صاحب غرناطة، فتصبح بعد خضوع سائر أنحاء الأندلس وحيدة تحت رحمة النصارى، وترغم على التسليم إليهم، وينتهي بذلك إمارة أميرها وحكمه (٣)، وهي رواية لا تتفق مع مآثر الزغل من ضروب العزم والبسالة والشهامة والغيرة الإسلامية، التي رأيناها ماثلة خلال معاركه المشرّفة، وإنما استسلم الزغل وخضع، وحاول


(١) Archivo general de Simancas. P. R. ١١-١٢ وأنظر أيضاً: Gaspar Y Remiro; ibid. ٤٨
(٢) أخبار العصر (٣١) ونفح الطيب (٢/ ٦١٣ - ٦١٤)، وأنظر: Prescott, ibid. p. ٢٨٥.
(٣) أخبار العصر (٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>