للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٤٩٠ م) خرج ملك قشتالة بقواته وهو يضطرم سخطاً، وزحف على بسائط غرناطة، فعاث فيها، وانتسف الزرع واستاق الماشية، وخرّب الضياع والقرى، ووصل في عبثه وتخريبه حتى أسوار الحاضرة ذاتها. وبرز المسلمون لقتاله، وعلى رأسهم أبو عبد الله، ووقعت بين الفريقين في ظاهر غرناطة عدّة ملاحم دموية ارتحل النصارى على أثرها. ولم يستطيعوا الدنو من المدينة (رجب ٨٩٥ هـ - ١٤٩٠ م)، وعمد فرديناند حين العودة إلى تحصين بعض الحصون القريبة من غرناطة، مثل برج الملاحة وبرج رومة وغيرهما، وشحنها بالرجال والعدد استعداداً للمعارك القادمة.

وعلى أثر ارتحال القشتاليين، خرج أبو عبد الله في قواته يحاول استرداد بعض الحصون والمراكز القريبة، فاستولى على قرية البذول عنوة، ثم استولى على غيرها من القرى، ودبت في المسلمين في تلك الأنحاء روح جديدة، وثار أهل البشرّات (البشرة) وما حولها على حكامهم النصارى، وثار أهل وادي آش في الوقت نفسه، واضطرموا لما رأوه من وثبة أبي عبد الله وعزمه بنزعة جديدة إلى المقاومة، وبعثوا إليه يطلبون عونه. وسار أبو عبد الله بقواته يريد حصن أندَرَش (١) لما علمه من ثورة المسلمين هناك، وكان عمه محمد بن سعد (الزغل) لا يزال به، فلما سمع بمقدمه خرج مع صحبه إلى ألمرية، وبقي بها إلى أن جاز البحر إلى المغرب كما ذكرنا، واستولى أبو عبد الله على اندرش وغيرها من المحلاّت والحصون القريبة منها (٢)، ورتّب فيها حاميات من المسلمين للدفاع عنها (شعبان ٨٩٥ هـ).

واستمرت هذه المعارك المحليّة سجالاً مدى حين بين المسلمين والنصارى، فاسترد النصارى حصن أندراش لأسابيع قليلة من فقده، وغادره الفرسان المسلمون، إذ كانوا قلّة لم تستطع للعدوّ دفعاً. وفي شهر رمضان من سنة (٨٩٥ هـ) - (آب - أغسطس ١٤٩٠ م) خرج أبو عبد الله في قواته إلى قرية


(١) أندرش: Andarax جنوب شرقي غرناطة على مقربة من البحر الأبيض.
(٢) أخبار العصر (٣٦ - ٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>