للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

همدان القريبة (١)، فافتتحها واخترق المسلمون أبراجها الكثيفة، وكانوا يخشون أن تمتنع عليهم لكثافتها، واغتنموا منها مقادير وفيرة من الذخائر والأطعمة، وأسروا من حاميتها نحو مائتين، وعاد المسلمون إلى غرناطة فرحين ظافرين، وغمرت الحاضرة المسلمة موجة من البشر والتفاؤل. وفي أواخر رمضان، خرج أبو عبد الله في قواته يريد افتتاح ثغر المنكب، وإعادة الصلة بين الأندلس وشواطئ المغرب، وهي صلة يعلّق عليها المسلمون أهمية خاصة، ويعتبرونها من أبواب الغوث والإنقاذ، واستولى أبو عبد الله في طريقه على حصن شلوبانية (٢) الواقع شرقي المنكب بعد قتال عنيف، وعلم النصارى بمحاولة أبي عبد الله، فهرعت حاميات بلش ومالقة إلى المنكب لإنجادها. ورأى أبو عبد الله أنه لا يستطيع مهاجمتها، وترامت إليه الأنباء بأن ملك قشتالة قد عاد بجنده إلى مرج غرناطة يعيث فيه فساداً وتخريباً، فارتد أدراجه، وكان فرديناند قد هاله ما حدث من الاضطراب والتصدع في المناطق المستولى عليها، فاعتزم السير من قرطبة بجيشه إلى تلك الأنحاء. والواقع أن بوادر الانتقاض والثورة كانت قد اشتدّت في وادي آش وما حولها من الضياع والقرى، وأخذ ظفر المسلمين في تلك المعارك المحلية يذكي عزم الثوار ويشجعهم. وخشي النصارى عواقب هذه الحركة، فضاعفوا قوى الحاميات في تلك الأنحاء، واحتالوا على أهل وادي آش، فأخرجوا معظمهم من المدينة إلى السهول المجاورة (٣)، واستجاب أبو عبد الله إلى نداء أهل وادي آش وعاونهم بالرجال والدواب على نقل أمتعتهم وأموالهم، وعلى الرحيل بالأهل والأموال إلى غرناطة، ونقل من تلك القرى والضياع مقادير وافرة من الحبوب والأطعمة وغيرها. وما كادت جموع المسلمين ترتد راجعة إلى


(١) تقع قرية همدان جنوب غربي غرناطة على قيد بضعة كيلو مترات منها، وهي: ( Alhendin) ، أنظر الخريطة.
(٢) بالإسبانية ( Salobrena) .
(٣) Lafuente Alcantara ; ibid; n. ١١١. P. ٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>