للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فرضت عليه، لا تخلق له ولا تجمل، وأنه يستحيل عليه البقاء في هذا الوضع المؤلم، كتابع لملك قشتالة. وعلى أي حال، فقد اقتنع أبو عبد الله، بوجهة نظر وزيره، ولكنه أرسل أمينه ومدير شئونه أبا القاسم عبد الملك (المليخ) ليسعى إلى تعديل الاتفاق لمصلحته. وبعد مفاوضات جديدة، وُضع الاتفاق النهائي، الذي قبله السلطان المخلوع. وخلاصته: أنه يتعهد بالعبور إلى المغرب، في موعد أقصاه نهاية شهر تشرين الأول - أكتوبر سنة (١٤٩٣ م)، وأنه يتنازل عن سائر ضياعه، في أندرش، ولوشار، وبرشينا وغيرها، وكذلك عن أملاكه الأخرى في غرناطة، بالبيع للملكين الكاثوليكيين، وذلك نظير ثمن إجمالي قدره واحد وعشرون ألف جنيه قشتالي (كاستليانو) من الذهب الحر، أو الدوقات المضروبة من الذهب الخالص. كما يتنازل أبو عبد الله عن اختصاصه المدني والجنائي، ويحمل إليه المال قبل رحيله بثمانية أيام، ويقدم إليه الملكان عربتين لحمل متاعه، وسفناً ينتقل عليها مع صحبه إلى المغرب. ويتضمن الاتفاق نصوصاً أخرى ببيع الأميرات لأملاكهن إلى الملكين الكاثوليكيين وكذلك يبيع الوزير ابن كماشة والوزير أبو القاسم كلَّ أملاكه، نظير مقادير من المال.

ويحمل هذا الاتفاق تاريخ (١٥ نيسان - أبريل سنة ١٤٩٣ م)، كما يحمل في ذيله موافقة أبي عبد الله بالعربية ممهورة بتوقيعه وخاتمه، وهي تدل بألفاظها ومعانيها على كثير من العبر المؤلمة: "الحمد لله إلى السلطان والسلطانة أضْيَافي، أنا الأمير محمد بن علي بن نصر خديمكم، وصلتني من مقامكم العلي. العقد وفيه جميع الفصول التي عقدها عني وبكم التقديم، من خديمي القائد أبو القاسم المليخ، ووصلت بخط يدكم الكريمة عليها، وبطابعكم العزيزة، كيف هي مذكورة بهذا الذي هي تصلكم. وإني نوفى ونحلف أني رضيت بها، بكلام الوفا مثل خديم جيد. وترى هذا خط يدي وطابعي أرقيته عليها، لتظهر صحّة قولي. ووصلت بتاريخ الثالث والعشرين من شهر رمضان المعظم عام ثمانية وتسعون وثمانمائة. أنا كاتبه محمد بن

<<  <  ج: ص:  >  >>