للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويشهد يد الفناء والمحو، تعمل لاستئصال هذا الشعب الأندلسي النبيل التالد، من الأرض التي لبث يرعاها ثمانية قرون، ونثر في أرجائها فيض عبقريته.

وتختلف الرواية في تاريخ وفاة أبي عبد الله اختلافاً بيناً. فيقول لنا المقري في نفح الطيب: إنه توفى بفاس سنة أربعين وتسعمائة (١٥٣٤ م)، وإنه دفن بإزاء المصلى خارج باب الشريعة (١). وتؤكد لنا الرواية القشتالية القريبة من ذلك العصر، أن أبا عبد الله توفي قتيلاً في موقعة أبي عقبة الشهيرة التي نشبت بين السلطان أحمد أبي العباس الوطاسي حفيد أبي عبد الله محمد الوطاسي وبين خصومه السعديين الأشراف الخوارج عليه، واشترك فيها أبو عبد الله محارباً إلى جانب أصدقائه وحماته الوطاسيين، وقد حدثت هذه الموقعة في سنة (٩٤٣ هـ - ١٥٣٦ م) وهزم فيها بنو وطّاس هزيمة شديدة (٢). ويذكر المقري في أزهار الرياض فيقول: إنه توفي بفاس سنة أربع وعشرين وتسعمائة هجرية (١٥١٨ م) (٣)، فإذا صحت الرواية الثانية، فإن أبا عبد الله يكون قد مات في نحو الخامسة والسبعين من عمره. ونرجح رواية المقري الأولى، وهي أن أبا عبد الله توفى بقصره في فاس سنة (٩٤٠ هـ)، أما روايته الثانية، وهي أنه توفى في سنة (٩٢٤ هـ) فالمرجح أنها تحريف رقمي للأولى. وترك أبو عبد الله ولدين هما أحمد ويوسف، واستمر عقبه مستمراً معروفاً بفاس مدى أحقاب، ولكنهم انحدروا قبل بعيد إلى هاوية البؤس والفاقة. ويذكر لنا المقري أنه رآهم سنة (١٠٣٧ هـ - ١٦٢٨ م) معدمين يعيشون على أموال الصدقات (٤).

ويعرف أبو عبد الله آخر ملوك الأندلس، في الرواية الإسبانية، بمحمد الحادي عشر، وبالملك الصغير تمييزاً عن عمّه أبي عبد الله الزغل، ويلقّب


(١) نفح الطيب (٢/ ٦١٧) والاستقصا (٢/ ١٦٨).
(٢) الاستقصا (٢/ ١٧٧).
(٣) أزهار الرياض (١/ ١٦٨).
(٤) نفح الطيب (٢/ ٦١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>