للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما شاءوا (١).

ولم يقف الكاردينال خمنيس عند تنظيم هذه الحركة الإرهابية، التي انتهت بتوقيع التنصير المغصوب، على عشرات الألوف من المسلمين قسراً، ولكنه قرنها بارتكاب عمل بربري شائن، هو أنه أمر بجمع كل ما يستطاع جمعه من الكتب العربية من أهالي غرناطة وأرباضها، ونظمت أكداساً هائلة في ميدان باب الرّملة، أعظم ساحات المدينة، ومنها كثير من المصاحف البديعة الزخرف، وآلاف من كتب الآداب والعلوم، أُضرمت النار فيها جميعاً ولم يستثن منها سوى ثلاثمائة من كتب الطب والعلوم، حملت إلى الجامعة التي أنشأها في مدينة ألكالا دى هنارس، وذهبت ضحية هذا الإجرام الهمجي عشرات الألوف من الكتب العربية، هي خلاصة ما بقي من تراث الفكر الإسلامي في الأندلس (٢).

وليس المؤلفون العرب والمسلمون وحدهم الذين يصفون عمل خمنيس بالبربرية والهمجية، بل قالها ويقولها المنصفون من الغربيين، فمثلاً يشير المستشرق الإيطالي الأب سكيابرللي ( Schiaparelli) في مقدمة إحدى كتبه إلى: "التعصب الكاثوليكي، وثورات خمنيس البربرية، التي ترتب عليها حرق المصاحف والكتب الإسلامية الأخرى لمسلمي غرناطة، وذلك لكي يتوسل إلى تنصيرهم".

ويقول المؤرخ الأمريكي وليم برسكوت: "إن هذا العمل المحزن لم يقم به همجي جاهل وإنما جد مثقف، وقد وقع لا في ظلام العصور الوسطى،


(١) Luis del Marmol; ibid. ١. Cap. XX١١١.
(٢) يختلف المؤرخون الإسبان في تقدير عدد الكتب العربية التي أحرقت، فيقدرها دي روبلس E. de Robles الذي كتب بعد ذلك بقرن كتاباً عن حياة الكاردينال خمنيس: بمليون وخمسة آلاف كتاب. ويقدرها برمندث دي بدراثا B. de pedraza الذي كتب بعده بقليل بمائة وخمسة وعشرين ألفاً، ويقدرها كوندي بثمانين ألفاً، أنظر: Isabella: p. ٤٥١-٤٥٣ and notis and Prescott: Fexd

<<  <  ج: ص:  >  >>