بأيديهم، وعيال عليهم، وبعد أن انتزعوا منهم الأسلحة والمعاقل، وعتوا فيهم بالخروج والجلاء، ولم يبق من المسلمين طائل، ونقض اللعين طاغية النصارى عهوده، ونشر بمحض الغدر بنوده .. الخ" (١).
وجاء في رواية أخرى، هذا الوصف لمأساة التنصير: "إن طاغية قشتالة وأراغون، صدم غرناطة صدمة، وأكره على الكفر مَن بقي بها من الأمة، بعد أن هيض جناحهم، وركدت رياحهم، وجعل بعد جنده الخاسر على جميع جهات الأندلس ينثال، والطاغية يزدهي في الكفر ويختال، ودين الإسلام تنثر بالأندلس نجومه، وتطمس معالمه ورسومه، فلو رأيتم ما صنع الكفر بالإسلام بالأندلس وأهليه، لكان كل مسلم يندبه ويبكيه، فقد عبث البلاء برسومه، وعفى على أقماره ونجومه، ولو حضرتم مَن جبر بالقتل على الإسلام، وتوعّد بالنكال والمهالك العظام، ومَن يعذب في الله بأنواع العذاب، ويدخل به من الشدّة في باب ويخرج من باب، لأنساكم مصرعه، وساءكم مفظعه، وسيوف النصارى إذ ذاك على رءوس الشرذمة القليلة من المسلمين مسلولة، وأفواه الذاهلين محلولة، وهم يقولون: ليس لأحدٍ بالتنصر أن يمطل، ولا يلبث حيناً ولا يمهل، وهم يكابدون تلك الأهوال، ويطلبون لطف الله على كل حال".
وقد تردد صدى هذه المحنة التي نزلت بمسلمي الأندلس بسرعة في سائر جنبات العالم الإسلامي، فنرى ابن إياس مؤرخ مصري، وهو راوية معاصر، يدوّن في حوادث (صفر سنة ٩٠٦ هـ - آب - أغسطس ١٥٠٠ م)، أعني عقب محنة التنصير بأشهر قلائل ما يأتي: "وفيه جاءت الأخبار من المغرب، بأن الإفرنج قد استولوا على غرناطة التي هي دار ملك الأندلس، ووضعوا فيها السيف بالمسلمين، وقالوا: مّن دخل ديننا تركناه، ومَن لم يدخل قتلناه، فدخل في دينهم جماعة كثيرة من المغاربة خوفاً على أنفسهم من القتل، ثم ثار