إنشاء ديوان التحقيق في قشتالة، ليضطلع في مثل المهام الخطيرة التي يضطلع بها في أراغون. وهنا يقال: إن الفضل في إقناع الملكة إيزابيلا بتحقيق هذه الفكرة يرجع إلى القس توماس دى تُركيمادا رئيس دير الآباء الدومنيكان في سانتا كروث بشقوبية. وقد كان معترف الملكة وله عليها نفوذ قوي، فقيل: إنه استطاع أن يحصل منها قبل اعتلائها العرش، على وعد بأنها متى ظفرت بالملك، فإنها تكرِّس حياتها لسحق الكفر وحماية الكثلكة، وأنه كان أكثر العاملين على إقناعها بالموافقة على إنشاء ديوان التحقيق. وفي سنة (١٤٧٨ م) أرسل فرديناند وإيزابيلا سفيرها إلى البابا للحصول على المرسوم البابوي، وصدر المرسوم بالفعل في (تشرين الثاني - نوفمبر ١٤٧٨ م) بالتصريح بإنشاء ديوان التحقيق في قشتالة، وتعيين المحققين لمطاردة الكفر ومحاكمة المارقين)، واتخذت الخطوة الحاسمة لتنفيذ المرسوم في (أيلول - سبتمبر ١٤٨٠ م)، حيث ندب المحققون الثلاثة الأُول، وأنشئت محكمة التحقيق الأولى في إشبيلية. وهكذا بدأ ديوان التحقيق الإسباني نشاطه المروّع في قشتالة.
ج - وبدأ الديوان أعماله في إشبيلية بإصدار قرارات يحث فيها كل شخص أن يساعد الديوان، في البحث عن الملحدين والكفرة، وكل مَن في عقيدتهم زيغ، وفي جمع الأدلة على إدانتهم، وفي التبليغ عنهم بأية وسيلة. وانقضّت العاصفة بالأخص على يهود المتنصرين، وكانت منهم طائفة كبيرة في إشبيلية، فلم يمض عام حتى بلغت ضحاياهم ألوفاً أحرق معهم عدد كبير، وعوقب الكثيرون بالسجن والغرامات الفادحة والمصادرة والتجريد من الحقوق المدنية.
وحاول كثير من المتنصرين النجاة بالفرار إلى ضياع الأشراف، فصدر أمر ملكي بتسليم الهاربين إلى محكمة التحقيق، وهُدِّد الأشراف بفقد وظائفهم والنّفي من الكنيسة، إذا تخلّوا عن تنفيذ الأمر. وحاول بعض أكابر المتنصرين في الوقت نفسه تدبير مؤامرة، لمقاومة محكمة التحقيق، والفتك بأعضائها،