للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سرقسطة وفي منطقة بلنسية وغيرها، وأخمدت هذه الثورات المحلية الضئيلة تباعاً. ولكن بلنسية كان لها شأن آخر، ذلك أنها كانت تضم حشداً كبيراً من المسلمين، يبلغ سبعة وعشرين ألف أسرة (١)، وكان وقوعها على البحر يمهّد للمسلمين سبل الإتصال بإخوانهم في المغرب، ومن ثم فقد كانت دائماً في طليعة المناطق الثائرة، وكانت الحكومة الإسبانية تنظر إليها باهتمام خاص، فلما فرض التنصير العام، أبدى المسلمون في بلنسية مقاومة عنيفة، ولجأت جموع كبيرة منهم إلى ضاحية (بني وزير Benagwacil) واضطرت الحكومة أن تجرد عليهم قوة كبيرة مزوّدة بالمدافع، وأرغم المسلمون في النهاية على التسليم والخضوع، وأرسل إليهم الإمبراطور إعلان الأمان على أن ينصروا، وعدّلت عقوبة الرق إلى الغرامة (٢). وفي باقي أراغون، أشفق السادة والنبلاء على مصالحهم وضياعهم من الخراب، إذا اضطهد المسلمون ومزّقوا، كما حدث في بلنسية، فأوضحوا للإمبراطور خطأ هذه السياسة، وأكدوا له أن المسلمين في أراغون جماعة عاملة هادئة ذلولة، لم ترتكب جرماً قط، ولم تبدر منهم خطيئة دينية أو سياسية، ومعظمهم زراع في أراضي الملك والسادة، ومنهم صناع مهرة، فإخراجهم من أراغون خسارة فادحة، ولا داعي لإرغامهم على التنصير، لأن ذلك لا يعني إخلاصهم للدين الجديد، ومن الخير أن يتركوا في سلام، ولكن مساعي السادة النبلاء في هذا السبيل ذهبت عبثاً، وأصرّ الإمبراطور على أن يطبق التشريع الجديد على جميع مسلمي أراغون، وأصدر أوامره إلى ديوان التحقيق، أن يقوم بتلك المهمة، فأذعن المسلمون إلى التنصير راغمين، وبذلك تم تنصيرهم جميعاً (سنة ١٥٢٦ م). وتوالت الأوامر والقوانين المرهقة، فصدر قانون يحظر على الموريسكيين بيع الحرير والذهب والفضة والحلي والأحجار الكريمة، وحتم على كل مسلم بقي على دينه أن يحمل شارة زرقاء في قبعته، وحظر عليهم حمل السلاح


(١) Liorente, ibid.
(٢) Dr Lea: The Moriscos; ٩١-٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>