بنشارا، وهم من سلالة أمراء غرناطة الذين نُصِّروا منذ الفتح، مذكرة يشرحون فيها ظلامتهم، وما يعانونه من آلام المطاردة والإرهاق المستمر، ولا سيما من أعمال القسس والقضاء الديني، فندب الإمبراطور لجنة محلية للتحقيق في أمر الموريسكيين في سائر أنحاء غرناطة، ثم عرضت نتائج بحثها على مجلس ديني قرر ما يأتي: أن يترك الموريسكيون استعمال لغتهم العربية وثيابهم القومية، وأن يتركوا استعمال الحمامات، وأن تفتح منازلهم أيام الحفلات وأيام الجمع والسبت، وألاّ يقيموا رسوم المسلمين أيام الحفلات، وألاّ يتسمّوا بأسماء عربية، ولكن هذه القرارات أُرجِىء بأمر الإمبراطور؛ ثم أعيد إصدارها، ثم أُرجئ تنفيذها مرة أخرى.
وصدرت عدة أوامر ملكية بالعفو عن الموريسكيين فيما تقدم من الذنوب، فإذا عادوا طبقت عليهم أشد القوانين والفروض، فأذعن الموريسكيون لكل ما فرض عليهم، ولكنهنم افتدوا من الإمبراطور بمبلغ طائل من المال، حق ارتداء ملابسهم القومية، وحق الإعفاء من المطاردة إذا اتهموا بالردّة (١).
وكان الإمبراطور شارلكان حينما أصدر قراره بتنصير المسلمين قد وعد بتحقيق المساواة بينهم وبين النصارى في الحقوق والواجبات، ولكن هذه المساواة لم تحقق قط، وشعر العرب المتنصرون من الساعة الأولى، أنهم مازالوا موضع الرّيب والاضطهاد، وفرضت عليهم فروض وضرائب كثيرة لا يخضع لها النصارى، وكانت وطأة الحياة تثقل عليهم شيئاً فشيئاً، وتترى ضدهم السعايات والاتهامات، وقد غدوا في الواقع أشبه بالرقيق منهم بالرعايا الأحرار. ولما شعرت السلطات بميل الموريسكيين إلى الهجرة، وفشت فيهم هذه الرغبة، صدر قرار في سنة (١٥٤١ م) يحرّم عليهم تغيير مساكنهم، كما حرّم عليهم النزوح إلى بلنسية، التي كانت دائماً طريقهم المفضّل إلى ركب البحر، ثم صدر قرار بمنع الهجرة من أي الثغور إلاّ
(١) Dr Lea: The Moriscos ; P. ٢١٤-٢١٥, P. Longas,ibid,P.XL١١١.