الضرائب عن كاهلهم، وبالرغم من أن مطالبهم لم تُجب يومئذ كلها، فإن قانون تحريم اللغة والثياب القومية، نظير ضريبة معينة، أرجئ تنفيذه مرة أخرى، وأجيز للموريسكيين استعمال اللغة والثياب القومية نظير تلك الضريبة، واستمر هذا المنح سارياً حتى عهد فيليب الثاني، وكان يُجمَع من هذه الضريبة مبلغ طائل. ولكن فيليب الثاني كان ملكاً شديد التعصب، كثير التأثر بنفوذ الأحبار، وكانت الكنيسة ترى أن بقاء اللغة العربية من أشدّ العوامل لمنع تغلغل النصرانية في نفوس الموريسكيين، وأنه لابد من القضاء على ذلك الحاجز الصخري الذي تتحطم عليه جهود الكنيسة؛ وكانت قد مضت فوق ذلك أربعون عاماً مذ صدر قانون التحريم في عهد الإمبراطور شارلكان، ولم يبق للموريسكيين في ذلك حجة ولا ملتمس، وانتهت الكنيسة كالعادة بإقناع الملك بصواب رأيها، فلم يلبث أن استجاب لتحريضها، وأمر في (أيار - مايو سنة ١٥٦٦ م) بأن يجدّد القانون القديم بتحريم الثياب العربية واللغة العربية، وهكذا حاول بطريق التشريع أن يسدّد الضربة الأخيرة للغة الموريسكيين وتقاليدهم العربية، فأصدر هذا القانون الهمجي الذي لم يسمع بصدور مثله في تاريخ المجتمعات المتمدنة. ويقضي هذا القانون بأن يمنح الموريسكيون ثلاثة أعوام لتعلم اللغة القشتالية، ثم لا يسمح بعد ذلك لأحد أن يتكلم أو يكتب أو يقرأ العربية أو يتخاطب بها، سواء بصفة عامة أو بصفة خاصة، وكل معاملات أو عقود تجري بالعربية تكون باطلة، ولا يُعتدّ بها لدى القضاء أو غيره. ويجب أن تسلم الكتب العربية، من أية مادة، في ظرف ثلاثين يوماً إلى رئيس المجلس الملكي في غرناطة، لتفحص وتقرأ، ثم يردّ غير الممنوع منها إلى أصحابها، لتحفظ لديهم مدى الأعوام الثلاثة فقط. وأما الثياب فيمنع أن يصنع منها كل جديد وأي جديد مما كان يستعمل أيام المسلمين، ولا يصنع منها إلاّ ما كان مطابقاً لأزياء النصارى، وحتى لا يتلف منها ما كان من زي المسلمين، فإنه يسمح بارتداء الثياب الحريرية منها لمدة عام، والصوفية لمدة عامين، ثم لا يسمح