بترخيص ورسوم معينة. ولكن الحكومة خشيت بعد ذلك عواقب هذا التسامح، فأخذت تشدِّد في الترخيص، وجُرِّد المسلمون في بلنسية من سلاحهم جملة، وقيل لهم حينما أذعنوا للتنصير: إنهم سيعاملون كالنصارى في سائر الحقوق والواجبات، ويردّ لهم سلاحهم، ولكن الحكومة لم تفِ بعهدها. وفي سنة (١٥٤٥ م) صدر قرار بمنع السلاح كافة، ولكنه نفِّذ بشيءٍ من اللين. وفي سنة (١٥٦٣ م) في عهد فيليب الثاني، صدر قانون جديد يحرّم حمل السلاح على الموريسكيين إلاّ بترخيص من الحاكم العام، وأحيط تنفيذه بمنتهى الشدّة، فأثار صدوره سخط الموريسكيين، وكان السلاح ضرورياً للدفاع عن أنفسهم في محلاّتهم المنعزلة النائية.
بيد أن قانون تحريم السلاح، لم يكن سوى مقدمة لقانون أقسى وأشدّ إيلاماً، هو القانون الخاص بتحريم استعمال اللغة العربية، وارتداء الثياب العربية، على الموريسكيين. وقد لبثت اللغة والتقاليد العربية في الواقع للموريسكيين، من أوثق الروابط بماضيهم وتراثهم، وكانت عماد قوّتهم المعنوية، ومن ثم كانت عناية السياسة الإسبانية بالعمل على محوها بطريق التشريع الصارم، والقضاء بذلك على آخر الروابط التي تربط الموريسكيين بماضيهم وتراثهم القومي. وقد فكر بعض أحبار الكنيسة أن يتعلم القسس الذين يقومون بحركة التنصير اللغة العربية، لكي يستطيعوا إقناع الموريسكيين بلغتهم والنفاذ إلى أعماق نفوسهم، ولكن فيليب الثاني لم يوافق على هذا الرأي، وآثر أن يتعلم القشتالية أبناء الموريسكيين متذ طفولتهم؛ وكانت السياسة الإسبانية قد حاولت تنفيذ مشروعها منذ عهد الإمبراطور شارلكان، فصدر في سنة (١٥٢٦ م) قانون يحرم على الموريسكيين التخاطب باللغة العربية وارتداء الثياب العربية، واستعمال الحمامات، وإقامة الحفلات على الطريقة الإسلامية، ولكنه لم ينفذ بشدة، والتمس الموريسكيون في بلنسية وغرناطة وقف تنفيذه أربعين عاماً، يحتفظون خلالها بلغتهم وثيابهم القومية، وقرنوا ملتمسهم بمطالب أخرى تتعلق بتطبيق شريعتهم وتقاليدهم، وتخفيف