"ونرغم على مزاولة الشعائر النصرانية وعبادة الصور، وهي مسخ للواحد القهار، ولا يجرؤ أحد على التذمر أو الكلام. وإذا ما قرع الناقوس، ألقى القس عِظَته بصوت أجشّ، وفيها يشيد بالنبيذ ولحم الخنزير، ثم تنحني الجماعة أمام الأوثان دون حياء ولا خجل ... ".
"ومَن عَبَدَ الله بلغته قُضى عليه بالهلاك، ومَن ضُبط أُلقِي إلى السجن وعُذّب ليل نهار، حتى يرضخ لباطلهم".
ثم يصِف وسائل إرهاقهم والتضييق عليهم، من التسجيل والتفتيش وغيرها، وما يفرض عليهم من الضرائب الفادحة، وكيف تُؤدى عن الحي والميت، والكبير والصغير، والغني والفقير، وكيف يرهقهم القضاة الظلمة، ولا يفلت من ظلمهم كائن، وكيف يُلقى بهم في السجن، ويرغمون على التنصير بالاعتقال والتعذيب، وكيف تهشّم أوصال الفرائس، ثم تحمل إلى الميدان لتحرق أمام الجمع الحاشد. وكيف تكدّس المظالم على رءوسهم تكديساً، ويسومهم الخسف أصاغر النصارى، وكل منهم يفتنُّ في ضروب الاضطهاد.
ثم يقول:"ولقد علّقوا يوم العيد (عيد سقوط غرناطة) في ميدان باب البنود، قانونا جديداً، وأخذوا يدهمون الناس في نومهم، ويفتحون كل باب، يزمعون تجريدنا من ثيابنا وقديم عاداتنا، ويمزقون الثياب، ويحطمون الحمامات".
"ونحن إذ نيأس من عدل الإنسان، نستغيث بالنبي (عليه الصلاة والسلام)، معتمدين على ثواب الآخرة، وقد حثنا شيوخنا على الصلاة والصوم، وأن نقصد وجه الله، فهو الذي يرحمنا في نهاية الأمر"(١).
وضبط في نفس الوقت مع ابن داود خطاب موجه من أحد زعماء البيازين
(١) أورد مارمول ترجمة قشتالية كاملة لهذه القصيدة، والترجمة للأستاذ محمد عبد الله عنّان نقلاً عن: نهاية الأندلس (٣٤٥ - ٣٤٦)، أنظر: Marmol; ibid; ١١١. Cap. ١X