للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فوق الصخور، لكي يراها الجميع، ثم حملها الإسبان إلى غرناطة، وهناك استقبلوها في حفل ضخم، ورتبوا موكباً أُسندت فيه الجثة إلى بغل، وعليها ثياب كاملة كأنها هي إنسان حيّ، ومن ورائها أفواج كثيرة من الموريسكيين الذين سلموا بعد مصرع زعيمهم، ثم حملت إلى النطع وأجري فيها حكم الإعدام، فقطع رأسها ومُزِّقت، ثم جُرَّتْ في شوارع غرناطة، مبالغة في التمثيل والنكال، ومزقت أربعاً، وأحرقت بعد ذلك في الميدان الكبير، ووضع الرأس في قفص من الحديد، رفع فوق سارية في ضاحية المدينة تجاه جبال البشرات (١).

وهكذا انهارت الثورة الموريسكية وسحقت، وخبت آخر جذوة من العزم والجهاد، في صدور هذا المجتمع الأبي المجاهد وقضت المشانق والمحارق والمحن المروِّعة، على كل نزعة إلى الخروج والنضال، وهبّت روح من الرهبة والاستكانة المطلقة، على ذلك المجتمع المهيض المعذّب، وعاش الموريسكيون لا يسمع لهم صوت، ولا تقوم لهم قائمة، في ظل العبودية المطلقة الشاملة والإرهاق المطلق الثقيل، حقبة أخرى (٢).


(١) Marmol; ibid, X; Cap. V١١١.
(٢) نهاية الأندلس (٣٣٢ - ٣٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>