مسلاته الموريسكية بالقرب من بلنسية مائة قضية، وسجلت في قرية كارليت مائتان، واتهم أربعون أسرة بصوم رمضان. والواقع أنه كان من الصعب على مَن بقيت في نفوسهم جذوة أخيرة من دين الآباء. ولم يخمدها تعاقب جيلين أو ثلاثة من النصرانية المفروضة، أن يكونوا دائماً بمنجاة من الاتهام، ولهذا كان الشعب الموريسكي بأسره أينما وُجد، عرضة للاتهام بالحق أو الباطل، وإذا كانت ثمة أوقات يهدأ فيها نشاط محاكم التحقيق، فذلك يرجع بالأخص إلى استعمال الرشوة مع المأمورين، أو الحصول على براءات الحصانة بالمال. وتوضح لنا قضية بني عامر زعماء الموريسكيين في بلنسية هذه الحقيقة أتم وضوح. كانت أسرة بني عامر من أعرق الأسر المسلمة القديمة، التي أُكرهت على التنصير، وكان زعماؤها إخوة ثلاثة، هم: دون كوزمي، ودون خوان، ودون هرناندو بني عامر، ومنزل الأسرة في بنجوازيل (بني وزير) ضاحية بلنسية. وكان الثلاثة من ذوي المكانة والنفوذ، يسمح لهم بحمل السلاح وامتيازات أخرى محرمة على الموريسكيين. ففي (مارس - مايو سنة ١٥٦٧ م) صدر قرار محكمة التحقيق باتهامهم، وتقرر القبض عليهم، ولكن بعد أن وافقت المحكمة العليا (سوبريما) نظراً لخطر مكانتهم، فاختفى الإخوة الثلاثة حيناً، ولكن الدون كوزمي قدّم نفسه للسلطات في (كانون الثاني - يناير ١٥٦٨ م)، وقرر في التحقيق أنه يعتقد أنه نصّر طفلاً، ومع ذلك فإنه لا يعتبر نفسه نصرانياً بل مسلماً، وأنه جرى خلال حياته على مراعاة الشعائر الإسلامية، ولم يذهب إلى المعترف إلاّ خضوعاً للأوامر، على أنه ينبغي أن يكون في المستقبل نصرانياً، وأن يؤدي ما يطلبه المحققون إليه، ولم يقدم دون كوزمي خلال محاكمته أي دفاع، ولكنه أفرج عنه في (١٥ حزيران - يوليه) بضمان قدره ألفا دوق، على أن يبقى في بلنسية ولا يبرحها. ومع ذلك سافر دون كوزمي إلى مدريد، وحصل على عفو عنه وعن أخويه من الملك والمحكمة العليا، نظير فداء قدره سبعة آلاف دوق، واستطاع فوق ذلك بنفوذه القوي، أن يحصل للموريسكيين في بلنسية على