(١٥٨٣ م) وقفت السلطات الإسبانية، على أنباء مفادها أن أمراء تلمسان والجزائر يدبرون حملة بحرية لمهاجمة (المرسى الكبير) في مياه بلنسية، يعاونهم الموريسكيون فيها بالثورة، ولذا بادرت السلطات بنزع السلاح من الموريسكيين في بلنسية، وقيل بعد ذلك: إن هذه الحملة المغربية كانت ستقترن بغزوة فرنسية لأراغون، ينظمها حاكم بيارن الفرنسي، وأن سلطان الترك وسلطان الجزائر كلاهما يؤيد المشروع، وأن أساطيل الغزو كانت تزمع النزول في مياه برشلونة وفي دانية، وفيما بين مرسية وبلنسية، وأن الفضل في إخفاق هذا المشروع كله يرجع إلى حزم الدون خوان ونزع سلاح الموريسكيين. ومما يدل على أن إسبانيا لبثت حيناً على توجسها من فرنسا ودسائها لدى الموريسكيين، ما تسوقه الرواية الإسبانية من أن هنري الرابع ملك فرنسا، كانت له في ذلك مشاريع خطرة، ترمي إلى غزو إسبانيا من ناحية بلنسية، حيث يوجد حشد كبير من الموريسكيين، وأن زعماء الموريسكيين وعدوا بإضرام نار الثورة، وتقديم عدد كبير من الجند، ولم يطلبوا سوى السلاح، وكان من المنتظر أن تقوم الثورة الموريسكية في سنة (١٦٠٥ م)، ولكن المؤامرة اكتشفت في الوقت المناسب وانهار مشروع الغزو. وهذه الروايات العديدة التي جمعها (ديوان التحقيق) الإسباني على يد أعوانه وجواسيسه، تنقصها الأدلة التاريخية الحقة (١).
على أن الخطر الحقيقي، كان يتمثل في غارات المجاهدين من خوارج البحر المسلمين على الثغور والشواطئ الإسبانية. وتملأ سير هذه الغارات فراغاً كبيراً في الرواية الإسبانية، وتسبغ عليها الرواية صفة الانتقام للأندلس الشهيدة. وقد لبثت هذه الغارات طوال القرن السادس عشر، واستمرت دهراً بعد إخراج العرب المتنصرين من إسبانيا. ويشير المقري مؤرخ الأندلس إلى مغزى هذه الغارات البحرية بعد إخراج الموريسكيين، فيقول: إنهم انتظموا
(١) Dr. Lea: The Moriscos; P. ٢٨١-٢٨٤ and ٢٨٦-٢٨٨.