الحقوق. وكان بعضهم يفلح في ابتياع حريته، ويعيد حياة الموريسكيين سراً، وأخيراً توجّست الحكومة الإسبانية من وجودهم، فصدر في سنة (١٧١٢ م) قرار بنفيهم، خلال المدد التي يحدّدها القضاة المحليون وسمح لهم بأن يأخذوا معهم أسرهم وأموالهم إلى إفريقية.
وقد كان من المستحيل بعد ذلك كلّه، أن يبقى في البلاد أحد الموريسكيين أو سلالتهم، وقد كانت ذكراهم أو أشباحهم، تثير حولها أيّما توجّس وتعصب. وكان من المتعذّر أن يفلت أحد منهم من بطش ديوان التحقيق. وكان الديوان المقدّس أبداً على أهبته لضبط أية قضية ضد موريسكي مختف أو عبد متنصر، ولكن هذه القضايا كانت نادرة، مما يدل على انقراض هذا العنصر بمضي الزمن. بيد أن أسرى المعارك الحربية بحراً الذين كانوا يُكرهون على التنصير، كان بعضهم ينبذ النصرانية خفية، وكان معظم هؤلاء من الموريسكيين الذين عادوا إلى الإسلام، وخرجوا إلى الجهاد في البحر، وكان ديوان التحقيق طوال القرن السابع عشر الميلادي، يجد بينهم فرائس من آن لآخر. وعلى الجملة فإن آثار الموريسكيين والإسلام لم تختف نهائياً من إسبانيا، وقد لبث كثير من الأسرى والأفراد الموريسكيين الذين اندمجوا في المجتمع الإسباني، على صلاتهم الخفية بالماضي البعيد، وقد ضبطت خلال القرن الثامن عشر أمام محاكم التحقيق بعض القضايا الخاصة بالموريسكيين، كانوا يجرون شعائر الإسلام خفية، وضبط في سنة (١٧٦٩ م) مسجد صغير في قرطاجنة، أنشأه المتنصرون المحدثون، مما يدل على أنه كانت ما تزال ثمة آثار ضئيلة للموريسكيين والإسلام.
ولا تقدم لنا محفوظات ديوان التحقيق منذ أواخر القرن الثامن عشر، أي ذكر للموريسكيين، أو الإسلام والمسلمين، مما يدلّ على أن الآثار الأخيرة لمأساة الموريسكيين قد غاضت، وأسبل عليها الزمن عفاءه إلى الأبد (١).