للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أدتها إيزابيلا الكاثوليكية والكاردينال خمنيس، فإن السيء في عملهما يفوق الحسن، لأنهما علّما الأمة أن الوحدة الدينية هي أول غاية يجب تحقيقها، وقد ضحّت في سبيل هذه الغاية برخائها المادي ورقيها العقلي" (١).

وأخيراً يجمل الدكتور لي خلاصة بحثه المستفيض في مأساة الموريسكيين في هذه العبارة الموجزة القوية: "إن تاريخ الموريسكيين لا يتضمّن فقط مأساة تثير أبلغ عطف، ولكنه أيضاً خلاصة لجميع الأخطاء والأهواء التي اتحدت لتنحدر بإسبانيا في زهاء قرن من عظمتها أيام شارل الخامس إلى ذلّتها في عصر شارل الثاني" (٢).

ويقول سكوت: "لقد كانت نتائج هذه الجريمة التي ارتكبت ضد الحضارة، سواء البعيد منها والمباشر، ضربة لإسبانيا. فقد عصفت بموارد عيشها، ودفع بها القحط إلى الخراب، وأضحى من الضرورة أن تمدّ الحكومة يد الغوث إلى كثير من الأسر النبيلة، التي أودى بثروتها تصرف العرش الانتحاري، وخيّم الصمت والوجوم على مناطق شاسعة، كان يغمرها الخصب الأخضر، وظهر اللصوص والخوارج على القانون، مكان الزراع والصناع، وحل الجزاء المروّع عقب مأساة لم تقدم على مثلها لحسن الطالع أية أمة أخرى، مأساة أنزلت منذ وقوعها بالأمة التي ارتكبت فظائعها، كل صنوف الدمار والويل حتى الجيل الأخير" (٣).

ويمكن تلخيص رأي النقد الإسباني المعاصر، بما سمعه الأستاذ محمد عبد الله عنان من الأستاذ مننديث بيدال الذي نقلنا رأيه فيما سلف، وهو من أعظم المؤرخين والنقدة الإسبان في هذا العصر، فقد حدّثه الأستاذ عنان في مدريد عن قضية الموريسكيين ونفيهم، فقال: "لاريب أن إسبانيا قد منيت من جراء نفي الموريسكيين بخسارة مادية، لأنها خسرت بإخراجهم شعباً مجداً


(١) Dr Lea: The Moriscos; P. ٣٩٥-٣٩٧ and ٣٩٩-٤٠١.
(٢) Dr Lea: The Moriscos ; P. V.
(٣) Scott: the Moorish Empire in Europe; V. ١١١. P. ٣٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>