[شرح حديث: (إنما هما اثنتان)]
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن عبيد بن ميمون المدني أبو عبيد حدثنا أبي عن محمد بن جعفر بن أبي كثير عن موسى بن عقبة عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إنما هما اثنتان: الكلام والهدي، فأحسن الكلام كلام الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم)].
محمد بن عبيد بن ميمون المدني أبو عبيد مجهول.
وهذا الحديث وإن كان ضعيفاً إلا أنه له شواهد، كما في الحديث السابق: (خير الأمور كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم).
قال: [(ألا وإياكم ومحدثات الأمور، فإن شر الأمور محدثاتها)].
وهذا يشهد له ما سبق من التحذير من البدع ومحدثات الأمور، وقوله: (فإن شر الأمور محدثاتها) أي: البدع المحدثة في الدين.
قال: [(وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة)].
وكل هذا له شاهد في الحديث.
قال: [(ألا لا يطولن عليكم الأمد فتقسوا قلوبكم)].
وهذا مأخوذ من قول الله تعالى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} [الحديد:١٦]، وهذا فيه التحذير من استطالة الأجل فيقسو القلب.
قال: [(ألا إنما هو آت قريب، وإنما البعيد ما ليس بآت، ألا إنما الشقي من شقي في بطن أمه، والسعيد من وعظ بغيره، ألا إن قتال المؤمن كفر، وسبابه فسوق)].
وهذا أيضاً له شاهد، فقد ورد في الصحيح: (سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر)، أي: وقتاله من الأعمال الكفرية التي لا تخرج من الملة.
قال: [(ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث)].
وهذا أيضاً جاء في الصحيحين: (لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث) يعني: لا يجوز للمسلم أن يهجر أخاه لحظ من الدنيا أو من أجل حظ نفسه فوق ثلاث، ويجوز مدة اليوم واليومين والثلاث ولا يزيد؛ لأن النفس قد يحصل فيها بعض التكدر، فأبيح للإنسان الهجر يوماً أو يومين أو ثلاثاً من أجل الدنيا، ولا يجوز بعدها، كما في الحديث: (لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام)، وأما الهجر لأجل الدين؛ لكونه عاصياً أو مبتدعاً فيهجره ما شاء، وهذا غير محدد، ولا بأس به، وأما من أجل الدنيا ومن أجل الشحناء فلا يزيد على ثلاثة أيام.
قال: [(ألا وإياكم والكذب، فإن الكذب لا يصلح بالجد ولا بالهزل)].
وهذا فيه تحذير من الكذب.
قال: [(ولا يعد الرجل صبيه ثم لا يفي له)].
أي: لا يجوز أن يكذب، ولا حتى في الأشياء القليلة، حتى إذا وعد الصبي أن يعطيه شيئاً فلا يخلف وعده، فإن هذا كذباً، فإذا وعده أن يعطيه شيئاً ولو قليلاً ثم لم يعطه كتبت عليه كذبة، وليعطه شيئاً حتى لا يقع في الكذب.
قال: [(وإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار)].
وهذا أيضاً له شاهد.
قال: [(وإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وإنه يقال للصادق: صدق وبر، ويقال للكاذب: كذب وفجر، ألا وإن العبد يكذب حتى يكتب عند الله كذاباً)].
وهذا فيه التحذير من الكذب والترغيب في الصدق.
هذا الحديث وإن كان فيه أبو عبيد وهو مجهول، ولكن جمل هذا الحديث لها شواهد من الأحاديث الصحيحة.