قال المؤلف رحمه الله تعالى: [باب من سئل عن علم فكتمه.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أسود بن عامر، حدثنا عمارة بن زاذان، حدثنا علي بن الحكم، حدثنا عطاء، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(ما من رجل يحفظ علماً فيكتمه إلا أتي به يوم القيامة مُلْجَمَاً بلجام من النار) قال أبو الحسن أي: القطان: وحدثنا أبو حاتم، حدثنا أبو الوليد، حدثنا عمارة بن زاذان فذكر نحوه.
حدثنا أبو مروان العثماني محمد بن عثمان، حدثنا إبراهيم بن سعد، عن الزهري، عن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول: والله لولا آيتان في كتاب الله تعالى ما حدثت عنه - يعني: عن النبي صلى الله عليه وسلم - شيئا أبداً، لولا قول الله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ}[البقرة:١٧٤] إلى آخر الآيتين].
أبو الحسن القطان هو راوي السنن عن ابن ماجة.
فهذا الباب عقده المؤلف رحمه الله لبيان حكم من كتم شيئاً من العلم.
الحديث الأول في سنده عمارة بن زاذان وهو ضعيف إلا أن له متابع، فيشهد له، فيكون الحديث بهذا حسناً لغيره، ويصلح للاحتجاج، ويشهد له الحديث الذي بعده.
وهذان الحديثان دليلان على أنه لا يجوز كتمان العلم، وأنه يحرم كتمانه، وفيه وعيد شديد على من كتم العلم، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث:(من حفظ علماً فكتمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار).
وفي الحديث الثاني يقول أبو هريرة رضي الله عنه: لولا آيتين من كتاب الله ما حدثتكم وهما قوله: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُوْلَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُوْلَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ}[البقرة:١٥٩ - ١٦٠] فاشترط الله تعالى لتوبتهم البيان لما كتموا من العلم، ولا تصح التوبة إلا بالبيان.