قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا هشام بن عمار حدثنا حماد بن عبد الرحمن حدثنا أبو كرب الأزدي عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من طلب العلم ليماري به السفهاء، أو ليباهي به العلماء، أو ليصرف وجوه الناس إليه فهو في النار)].
وهذا الحديث أيضاً ضعيف، من أجل أبي كرب وحماد بن عبد الرحمن، وهما ضعيفان، لكن الحديث له شواهد.
قوله:(من تعلم العلم ليماري به السفهاء) أي: يجادلهم (أو ليباهي به العلماء، أو ليصرف وجوه الناس إليه فهو في النار)، ففيه الوعيد الشديد على من تعلم لأجل هذه المقاصد السيئة؛ فلم يتعلم إلا ليخاصم العلماء، ويجادلهم، أو ليجاري السفهاء ويترفع عليهم، أو ليصرف وجوه الناس إليه، أي: لا يتعلمه إلا رياء وسمعة لا لأجل الله، وتعلم العلم عبادة عظيمة، فيجب على طالب العلم أن يخلص نيته في طلبه لله ويجاهد نفسه، ويدافع الوساوس والخواطر الرديئة، فلا يتعلم لأجل المال، ولا لأجل الدنيا، ولا من أجل الشهرة، ولا من أجل المنصب، فكل هذه الأمور لا ينبغي أن تكون على بال طالب العلم، فالعلم أسمى من ذلك وأعلى، وما يعطاه من المكافأة وغيرها مما يعينه على تعلم العلم ويشجعه، فينبغي ألا تكون له مقاصد سيئة.
وقوله صلى الله عليه وسلم:(أو ليباهي به العلماء) أي: ليفاخر العلماء، أو ليصرف وجوه الناس إليه، وهذا الوعيد الشديد يدل على أنه من الكبائر، وللحديث له شواهد يرتقي بها.
وينبغي للإنسان أن يكون تعلمه العلم لله، أما إذا كانت النية مشتركة كما جاء في حديث:(الرجل يجاهد لإعلاء كلمة الله وللمغنم)، فعلى حسب ما غلب عليه، فإن غلب الإخلاص فهو مخلص، وإن غلبت نية الدنيا فهو لها، لكن ينبغي للإنسان في كل حال أن يجاهد نفسه حتى يكون طلبه للعلم لله، مثلما قال بعض السلف: طلبنا العلم لغير الله فأبى إلا أن يكون لله، فيجاهد ويدافع الخواطر الرديئة، والله تعالى يقول:{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ}[العنكبوت:٦٩]، وقال سبحانه:{وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ}[العنكبوت:٦].
وإذا لم يدخل في العلم إلا ليماري العلماء، أو يصرف وجوه الناس فقد يعاقب بهذه النية السيئة.