قال المؤلف رحمه الله تعالى: [حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا يزيد بن هارون، أنبأنا حماد بن سلمة، عن يعلى بن عطاء، عن وكيع بن حدس عن عمه أبي رزين رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ضحك ربنا من قنوط عباده وقرب غيره، قال قلت: يا رسول الله! أو يضحك الرب؟ قال: نعم، قلت: لن نعدم من رب يضحك خيراً)].
هذا الحديث أيضاً فيه وكيع بن حدس، وإن كان مقبولاً، لكن له شواهد، وقد اعتمده شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في العقيدة الواسطية واحتج به لشواهده، وفيه إثبات ضحك الله عز وجل كما يليق بجلاله وعظمته.
وفيه الرد على من أنكر الضحك من الجهمية والمعتزلة والأشاعرة، وتأول بعضهم فقال: الضحك عبارة عن الرضا، السدي في تعليقه على السيوطي، وكذلك على ابن ماجه يقول: الضحك الرضا، فهذا تأويل، والرضا غير الضحك، ففيه إثبات ضحك الله على ما يليق بجلاله وعظمته، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم:(ضحك ربنا من قنوط عباده وقرب غيره)، (قنوط عباده) يعني: يأسهم، إذا تأخر عنهم المطر يئسوا و (قرب غيره) يعني: التغير من حال إلى حال، فالله تعالى يغير من حال الشدة إلى حال الرخاء، ولهذا قال:(ضحك ربنا من قنوط عباده وقرب غيره) وفي الحديث الآخر: (عجب ربنا) وفيه إثبات العجب، وفي اللفظ الآخر:(عجب ربنا من قنوط عباده وقرب غيره)، يعني: أنهم يقنطون وييأسون، والله تعالى يعلم أن فرجهم قريب، وأنه سيغير حالهم من الشدة إلى الرخاء.
قوله: [(ضحك ربنا من قنوط عباده وقرب غيره، قال: قلت يا رسول الله! أيضحك الرب؟ قال: نعم، قلت: لن نعدم من رب يضحك خيراً)].
وهذا واضح في إثبات الضحك، قال أبو رزين: لن نعدم من رب يضحك خيراً، يعني: أن الخير في يديه سبحانه وتعالى، فيثبت الضحك لله، وفي اللفظ الآخر:(عجب ربنا من قنوط عباده وقرب غيره، ينظر إليكم أزلين يعلم أن فرجكم قريب)، فهم عندهم يأس، وظنوا أنه سيستمر في الشدة والقحط، والله تعالى يعلم أن فرجهم قريب، فلهذا عجب ربنا من قنوط عباده مع قرب غيره، يعني: تغيير الشيء من حال إلى حال، وتغيير أحوالهم من الشدة إلى الرخاء.
وصفة الضحك هنا على طريقة الأشاعرة تؤول بالرضا، وهذا أحياناً يذكره بعض علماء السنة.