قال المؤلف رحمه الله تعالى: [حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا يزيد بن هارون، أنبأنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة قال: قلت لـ أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر في الحرورية شيئاً؟ فقال:(سمعته يذكر قوماً يتعبدون يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصومه مع صومهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، أخذ سهمه فنظر في نصله فلم ير شيئاً، فنظر في رصافه فلم ير شيئاً، فنظر في قدحه فلم ير شيئاً، فنظر في القذذ فتمارى هل يرى شيئاً أم لا)].
وهذا فيه بيان خروجهم من الإسلام، وأنهم يمرقون مروقاً شديداً كما يمرق السهم من الرمية، فإنه إذا دخل السهم في الرمية في الطائر أو في غيره ثم خرج بسرعة من شدة السرعة ما يكون فيه شيء من الدم، ينظر في نصلة في حديدة السهم في ريشة السهم فلا يرى فيها شيئاً من الدم؛ لشدة خروجه وسرعته، فهؤلاء يمرقون من الإسلام مروقاً سريعاً كما يمرق السهم من الرمية، وإذا نظرت في السهم فلا تجد فيه أثراً للدم؛ لشدة خروجه وسرعة خروجه.
والحديث فيه أنهم قوم عباد؛ ولهذا قال:(يحقر أحدكم صلاته إلى صلاتهم)، يعني: إذا رأيت أحدهم يصلي الليل ويتعبد ساعتين ثلاثاً أربعاً خمساً تقول: أنا ما عندي شيء، فتحقر صلاتك عند صلاتهم، وإذا رأيت أحدهم يصوم النهار ويواصل الصيام تحقر صيامك عند صيامهم، وهكذا تجد أحدهم يقرأ القرآن كثيراً، لكن عندهم هذه العقيدة الخبيثة، وهي تكفير المسلمين وقتالهم، ولذلك يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان.
ومن كفرهم كفرهم لهذه الأحاديث ونحوها، ومن لم يكفرهم قال: إنهم متأولون، وإنهم قوم عباد.