للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[شرح حديث: (إن لله أهلين من الناس)]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [حدثنا بكر بن خلف أبو بشر حدثنا عبد الرحمن بن مهدي حدثنا عبد الرحمن بن بديل عن أبيه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن لله أهلين من الناس.

قالوا: يا رسول الله من هم؟! قال: هم أهل القرآن أهل الله وخاصته)].

وهذا في باب فضل القرآن، وهذا الحديث لا بأس بسنده، فسنده حسن، ويؤيده ما جاء في الختمة المنسوبة إلى شيخ الإسلام في الدعاء المعروف: (واجعلنا من أهل القرآن الذين هم أهلك وخاصتك يا أرحم الراحمين!) إن صحت نسبته إلى شيخ الإسلام.

وقوله: (إن لله أهلين.

قالوا: ومن هم؟ قال: هم أهل القرآن، هم أهل الله وخاصته)، يعني: أولياؤه وأحبابه الذين يتلون القرآن ويعملون به، ويمتثلون أوامره وينتهون عن زواجره، ويقفون عند حدوده، ويؤمنون بمتشابهه، ويعملون بمحكمه، ويتعظون بمواعظه، هؤلاء هم أهل القرآن، وهم أهل الله وخاصته، وهم الذين يتلونه حق تلاوته، كما قال الله سبحانه: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أُوْلَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ} [البقرة:١٢١] يعني: يعملون به؛ لأن التلاوة نوعان كما سبق: تلاوة لفظية، وهذه يقرأها البر والفاجر، كما في حديث أبي موسى، فالمنافق يقرأ القرآن والمؤمن يقرأ القرآن.

والنوع الثاني: تلاوة حكمية، وهي تنفيذ أحكامه وتحقيق أخباره، وهذه هي المراد من الحديث، وهي المعول عليها، وهي التي عليها مدار السعادة والنجاة، والتلاوة الحكمية مذكورة في قول الله عز وجل: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أُوْلَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [البقرة:١٢١]، يعني: يعملون به ويتبعون ما فيه، فهذه التلاوة هي الاتباع، ومن ذلك ما جاء في الحديث في قصة الرجل الفاجر الذي يوضع في قبره ويضرب بمرزبة من حديد ويقال له: لا دريت ولا تليت، لا دريت: أي: لا علمت الحق بنفسك، ولا تليت: ولا تبعت من يعمل بالحق، فأهل القرآن وخاصته هم الذين يقرءونه ويعملون به وينفذون أحكامه ويصدقون أخباره.

وهذا الحديث إسناده صحيح، قال البوصيري: في مصباح الزجاجة: هذا إسناد صحيح رجاله موثوقون، رواه النسائي في الكبرى في فضائل القرآن.

والتجويد من المحاسن والمستحبات، فإن تحسين القرآن مستحب، والواجب هو إخراج الحروف من مخارجها، فإذا أتقن القرآن وقرأه ولم يسقط شيئاً من حروفه فهذا هو الواجب، وما زاد على ذلك فمستحب ومن باب التحسين وليس بواجب، وأما قول الجزري: والأخذ بالقرآن حتم لازم من لم يجود القرآن آثم فهذا ليس بصحيح، وإنما هو مستحب، فأحكام التجويد والالتزام بها مستحب وليس بواجب، والواجب قراءة القرآن قراءة واضحة ليس فيها إسقاط شيء من حروفه.

<<  <  ج: ص:  >  >>