[ما جاء في التغليظ في تعمد الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم]
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب التغليظ في تعمد الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وسويد بن سعيد وعبد الله بن عامر بن زرارة وإسماعيل بن موسى قالوا: حدثنا شريك عن سماك عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار)].
هذا الحديث فيه شريك بن عبد الله القاضي اختلط لما تولى القضاء، وفيه أيضاً سماك بن حرب.
وفيه عنعنة مدلس، ولكن الحديث له شواهد، وأصله ثابت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من كذب عليّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار)، وهذا وعيد شديد، يدل على أن تعمد الكذب عن النبي صلى الله عليه وسلم من الكبائر، وبالغ بعض العلماء وقالوا بكفر من تعمد الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عبد الله بن عامر بن زرارة وإسماعيل بن موسى قالا: حدثنا شريك عن منصور عن ربعي بن حراش عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تكذبوا علي، فإن الكذب علي يولج النار)].
يولج يعني: يدخل النار، والتوعد بالنار يدل على أن الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم من كبائر الذنوب.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن رمح المصري حدثنا الليث بن سعد عن ابن شهاب عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من كذب علي -حسبته قال:- متعمداً، فليتبوأ مقعده من النار)].
وهذا القيد لا بد أن يكون: إذا كذب متعمداً.
أما إذا كان مخطئاً فلا.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أبو خيثمة زهير بن حرب حدثنا هشيم عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار).
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا محمد بن بشر عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من تقول علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار).
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا يحيى بن يعلى التيمي عن محمد بن إسحاق عن معبد بن كعب عن أبي قتادة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على هذا المنبر: (إياكم وكثرة الحديث عني! فمن قال علي فليقل حقاً أو صدقاً، ومن تقول علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار)].
(إياكم) إياك تستعمل للتحذير، يعني: احذروا القول عليه والإكثار، ويوفق بينهما: بأن من كسب العلم وهو متأكد من الحديث فلا يجوز له أن يكتمه إذا سئل عنه، أو كان بالناس حاجة إليه، أما إذا لم يتأكد فإن عليه أن يتوقف.
هذه الآثار محمولة على التوقي لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا لم يتأكد منه وكان عنده شك أو عدم يقين، أما إذا كان عنده يقين فيحدث ويبلغ.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن بشار قالا: حدثنا غندر محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن جامع بن شداد أبي صخرة عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه قال: قلت للزبير بن العوام رضي الله عنه: ما لي لا أسمعك تحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما أسمع ابن مسعود وفلاناً وفلاناً؟ قال: أما إني لم أفارقه منذ أسلمت، ولكني سمعت منه كلمة يقول: (من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار)].
يعني: الذي منعه من الحديث: خوف الوقوع في الكذب، وهذا محمول على ما لم يتأكد منه.
أما من تاب توبة نصوحاً تاب الله عليه، لكن عليه أن يبين: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا} [البقرة:١٦٠]، الشيء الذي كذبه يبينه للناس، يقول: إن هذا كذب، وهذا لا أصل له.
هذا من توبته، ويتعلق بفعله حال معصيته، كمن أخذ مالاً من شخص وأراد أن يتوب لابد أن يؤدي المال إلى صاحبه ثم يتوب، فمن كذب على النبي صلى الله عليه وسلم وأراد أن يتوب لابد أن يبين الأشياء التي كذبها ويبينها للناس.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا سويد بن سعيد حدثنا علي بن مسهر عن مطرف عن عطية عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار)].
أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب إثم من كذب على النبي صلى الله عليه وسلم، وأخرجه أبو داود في كتاب العلم، باب في التشديد في الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والسند ضعيف فيه عطية العوفي شيعي مدلس.