قال المؤلف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن يحيى، حدثنا صفوان بن عيسى، عن ابن عجلان، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كتب ربكم على نفسه بيده قبل أن يخلق الخلق: أن رحمتي سبقت غضبي)].
إسناده صحيح، وإن ذكر أن محمد بن عجلان قد اختلطت عليه أحاديث أبي هريرة، فقد روى قبل اختلاطه عن أبي هريرة، والأقرب أن أحاديث ابن عجلان حسنة، وبالمتابعات والشواهد قد تصل إلى درجة الصحة.
والترمذي رحمه الله له اصطلاح خاص به، والحديث فيه إثبات صفات عدة لله.
ففيه إثبات الكتابة وأنها صفة لله، قال تعالى:{كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ}[الأنعام:٥٤].
وفيه إثبات النفس لله عز وجل، وإثبات اليد لله، وإثبات الرحمة والغضب له سبحانه.
فنثبت لله الكتابة كما يليق به، وكتب كتابه في اللوح المحفوظ، فهو عنده فوق العرش، وخط التوراة بيده لموسى عليه الصلاة السلام كما يليق بجلاله وعظمته سبحانه، وهذا من الصفات الفرعية، ونثبت النفس لله عز وجل، أي: أن لله تعالى نفساً لا تشبه نفوس المخلوقين، كما قال تعالى:{تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ}[المائدة:١١٦]، وقال سبحانه:{وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ}[آل عمران:٢٨]، وقال:{كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ}[الأنعام:٥٤]، وأن لله نفساً موصوفة بالصفات الكريمة، ونثبت لله أيضاً اليد والغضب والرحمة كما يليق بجلاله سبحانه.
وفي الحديث: الرد على الأشاعرة والمعتزلة والجهمية الذين أنكروا هذه الصفات.
وبالنسبة لصفتي النفس والذات فيرى شيخ الإسلام أنهما متقاربتان، ونفسه يعني: ذاته، فالذات هي النفس.