[شرح حديث:(لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر)]
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [حدثنا سويد بن سعيد حدثنا علي بن مسهر عن الأعمش ح وحدثنا علي بن ميمون الرقي حدثنا سعيد بن مسلمة عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من خردل من كبر، ولا يدخل النار من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان)].
الحديث أخرجه مسلم بمعناه، وهذا فيه: وعيد شديد للمتكبر، وفيه: أن الكبر من كبائر الذنوب، والكبر كما جاء تفسيره في الحديث الآخر:(بطر الحق وغمط الناس)، وبطر الحق: رده، وغمط الناس: احتقارهم، وهذا هو الكبر، وهو من الكبائر، فإن كان الكبر تكبراً عن التوحيد والإيمان صار مخرجاً من الملة، وإن كان الحق الذي رده دون التوحيد والإيمان فيكون مرتكباً لكبيرة، فيكون الكبر كفراً أكبر إذا رد التوحيد والإيمان، أو كفراً أصغر إذا رد ما هو دون ذلك.
وقوله:(ولا يدخل النار من كان في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان) يعني: لا يدخلها دخول خلود، ولكن قد يدخلها دخولاً مؤقتاً، كما إذا مات على المعاصي مصراً عليها ولم يعف الله عنه؛ لأن النصوص تضم بعضها إلى بعض، وقد دلت النصوص على أن من ارتكب الكبائر فهو متوعد بالنار، قال تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا}[النساء:١٠]، فإذا دخل النار فإنه لا يخلد فيها، وإنما يطهر فيها بقدر معاصيه ثم يخرج منها بشفاعة الشافعين، أو برحمة أرحم الراحمين، وقد يعفو الله عنه، فهو تحت المشيئة، كما قال سبحانه:{إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}[النساء:٤٨].