حدثنا علي بن محمد وأبو كريب قالا: حدثنا وكيع قال: حدثنا سفيان عن يحيى بن سعيد عن عباية بن رفاعة عن جده رافع بن خديج قال: (جاء جبريل عليه السلام أو ملك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما تعدون من شهد بدراً فيكم؟ قالوا: خيارنا، قال: كذلك هم عندنا خيار الملائكة)].
فهذا الباب ذكره المؤلف رحمه الله لبيان الأحاديث الواردة في فضل أهل بدر، وهم المجاهدون من الصحابة رضوان الله عليهم، الذين حضروا أول مشهد كان للنبي صلى الله عليه وسلم وهو غزوة بدر، وهي الفاصلة بين الإيمان والكفر، وبدر مكان بين مكة والمدينة، وهي الآن بلد تسمى ببدر، وفيها حصلت الواقعة والغزوة بين حزب الله وأوليائه نبي الله وأصحابه، وبين كفار قريش، فهزم الله كفار قريش، وقتل صناديدهم، وقتل منهم سبعون وأسر سبعون، وفرق الله فيها بين الحق والباطل، وسماها الله يوم الفرقان فقال:{يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ}[الأنفال:٤١].
وفي هذا الحديث بيان فضل الصحابة الذين حضروا هذه الغزوة، وأنهم من أفضل الناس، ولهذا قال جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم:(ما تعدون أهل بدر فيكم؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: خيارنا) يعني: من أفضل الناس ومن أفضل الصحابة، فقال جبريل:(وكذلك من شهد بدراً من الملائكة)، وهذا فيه دليل على أن الملائكة شهدوا بدراً وقاتلوا، وهذا دل عليه القرآن الكريم، كما في قوله عز وجل:{إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ}[الأنفال:٩].
ذكر الله تعالى هذا في سورة آل عمران وفي سورة الأنفال، فالملائكة قاتلوا مع المؤمنين، والملائكة الذين حضروا لهم مزية فضل على غيرهم، كما أن الصحابة الذين شهدوا بدراً لهم مزية، ولهذا قال جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم:(ما تعدون من شهد بدراً فيكم؟ قالوا: خيارنا، قال: كذلك هم عندنا خيار الملائكة).
يعني: أنهم خيار، وفي اللفظ الآخر:(أنهم أفضل الملائكة).
والحديث فيه أن الله تعالى أمد المؤمنين بألف من الملائكة، كما قال تعالى:{بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ}[آل عمران:١٢٥].
فمد الله المؤمنين بالملائكة يقاتلون معهم ويؤيدونهم، يزلزلون الكفار وينشرون الرعب في قلوبهم.