قال المؤلف رحمه الله تعالى: [حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا يزيد بن هارون أنبأنا محمد بن إسحاق عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يمين الله ملأى لا يغيضها شيء، سحاء الليل والنهار، وبيده الأخرى الميزان يرفع القسط ويخفض، قال: أرأيت ما أنفق منذ خلق الله السموات والأرض؟ فإنه لم ينقص مما في يديه شيئاً)].
وهذا الحديث أصله في الصحيحين، والحديث فيه محمد بن إسحاق لكنه ثابت في الصحيحين، وفيه إثبات يدين لله، وأن لله تعالى يدين، وفيه أيضاً إثبات اليمين لله.
وقد جاء في صحيح مسلم التسمية الأخرى بأنها شمال، لكن بعضهم طعن فيها بأنه تفرد بها بعض الرواة، والصواب أنها ثابتة، وإن إثبات اليمين لا ينقض إثبات الشمال، وفي الحديث الآخر:(وكلتا يديه يمين)، يعني: كلتا يمين في الشرف والفضل والبركة وعدم النقص، بخلاف المخلوق، فإن اليمين أقوى من الشمال، أما الخالق فكلتا يديه يمين في القوة وعدم النقص والكمال والفضل والشرف والبركة.
قوله: يمين الله ملأى لا يغيضها شيء، يعني: لا تنقصها نفقة، سحاء يعني: كثيرة الصب الليل والنهار، فهو سبحانه وتعالى يمينه ملأى سحاء، تصب وتنفق آناء الليل والنهار.
قوله:(أرأيتم ما أنفق منذ خلق السماوات والأرض؟) استفهام تقريري، وخطاب للناس يعني: ألا ترون ما أنفق سبحانه وتعالى منذ خلق السماوات والأرض، فإنه لم ينقص ما في يديه منذ خلق السماوات والأرض، وهو سبحانه ينفق ولم ينقص ما في يمينه سبحانه وتعالى.
وفيه الرد على الأشاعرة والمعتزلة والجهمية الذين ينكرون صفة اليدين لله، ويفسرونها بالقدرة أو النعمة، وهذا من أبطل الباطل، والصواب: أن لله يدين حقيقيتين، كما أثبت الله ذلك في القرآن الكريم كقوله:{بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَان}[المائدة:٦٤]، وقوله:{مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ}[ص:٧٥].
والحديث قال الشارح: أخرجه البخاري ومسلم وإسناده صحيح.