[ما جاء في الطائفة المنصورة]
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن بشار حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن معاوية بن قرة عن أبيه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تزال طائفة من أمتي منصورين لا يضرهم من خذلهم حتى تقوم الساعة)].
وهذا ثابت في الأحاديث الصحيحة: (لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة)، وفيه بشارة للمؤمنين، وأن الحق لا يذهب ويضيع بل لابد أن يبقى إلى أن تقوم الساعة، ولا بد أن تبقى طائفة من هذه الأمة على الحق منصورة، كما في اللفظ الآخر: (لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله).
وهذه بشارة للمؤمنين، وأن الحق لا يضيع، ولا تزال طائفة على الحق منصورة وهم أهل السنة والجماعة، وهم أهل الحق، وهم الصحابة والتابعون والأئمة ومن بعدهم وفي مقدمتهم العلماء، وكل من عمل بالسنة والتزمها فهو منهم منهم المزارع والنجار والتاجر وأصحاب المهن مثل الجزار قد يكون من أهل السنة ومن أهل الحق وهو جزار أو صانع أو حداد أو خراز أو تاجر.
هذه الطائفة تقل وتكثر، وقد تكون متفرقة.
هذا فيه بشارة بأنه لا يزال الحق باق حتى يأتي أمر الله، وأمر الله هو الريح الطيبة التي تقبض أرواح المؤمنين والمؤمنات في آخر الزمان قبيل قيام الساعة.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أبو عبد الله قال: حدثنا هشام بن عمار قال حدثنا يحيى بن حمزة قال حدثنا أبو علقمة نصر بن علقمة عن عمير بن الأسود وكثير بن مرة الحضرمي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا تزال طائفة من أمتي قوامة على أمر الله لا يضرها من خالفها)].
وهذا من فضل الله تعالى وإحسانه، و (قوامة) يعني: قائمة بأمر الله، مستقيمة عليه، وتعمل به، وأمر الله هو ما جاء في الكتاب والسنة من الأوامر والنواهي والأخبار، فتصدق الأخبار وتنفذ الأوامر.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أبو عبد الله قال: حدثنا هشام بن عمار حدثنا الجراح بن مليح حدثنا بكر بن زرعة قال: سمعت أبا عنبة الخولاني رضي الله عنه، وكان قد صلى القبلتين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لا يزال الله يغرس في هذا الدين غرساً يستعملهم في طاعته)].
وهذا من فضل الله تعالى وإحسانه وهو بمعنى الأحاديث السابقة.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا يعقوب بن حميد بن كاسب حدثنا القاسم بن نافع حدثنا الحجاج بن أرطاة عن عمرو بن شعيب عن أبيه قال: قام معاوية رضي الله عنه خطيباً فقال: أين علماؤكم؟ أين علماؤكم؟ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لا تقوم الساعة إلا وطائفة من أمتي ظاهرون على الناس لا يبالون من خذلهم ولا من نصرهم)].
(لا تقوم الساعة)، المراد: قرب قيام الساعة كما دلت الأحاديث، وإلا فإن الساعة لا تقوم إلا على الكفرة بعد قبض أرواح المؤمنين والمؤمنات، عندها يخرب هذا العالم، وخراب العالم إنما هو بفقد التوحيد والإيمان، أما إذا كان التوحيد والإيمان قائماً فلا تقوم الساعة ولا يخرب هذا الكون، ثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض: الله الله).
فهذا الحديث وغيره يجمع بينه وبين هذا الحديث.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا هشام بن عمار حدثنا محمد بن شعيب حدثنا سعيد بن بشير عن قتادة عن أبي قلابة عن أبي أسماء الرحبي عن ثوبان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورين لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله عز وجل)].
وهذا معناه معنى الحديث السابق، لكن فيه سعيد بن بشير وقد تكلم فيه، وفيه عنعنة قتادة وقتادة إمام، وتشهد له الأحاديث السابقة.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أبو سعيد عبد الله بن سعيد حدثنا أبو خالد الأحمر قال: سمعت مجالداً يذكر عن الشعبي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: (كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فخط خطاً، وخط خطين عن يمينه، وخط خطين عن يساره، ثم وضع يده في الخط الأوسط فقال: هذا سبيل الله، ثم تلا هذه الآية: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} [الأنعام:١٥٣])].
وهذا جاء في معناه حديث: أنه خط خطاً مستقيماً، وخط عن يمينه وعن شماله خطوطاً، ثم قال: (هذا سبيل الله) ثم قال عن الخطوط التي عملها: (هذه خطوط على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه، ثم قرأ هذه الآية: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ} [الأنعام:١٥٣]).
فصراط الله مستقيم لا عوج فيه، وهو طريق الحق، ودين الإسلام، وما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، وما جاء في القرآن الكريم، وهو صراط المنعم عليهم.
أما السبل المتعرجة عن اليمين والشمال فهذه سبل الباطل والضلال، ولهذا قال سبحانه: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [الأنعام:١٥٣].
قال ابن حجر رحمه الله تعالى: سعيد بن بشير الأزدي مولاه أبو عبد الرحمن أو أبو سلمة الشامي أصله من البصرة أو واسط، ضعيف من الثامنة، مات سنة ثمان أو تسعة وستين في الأرجح.
لكن الحديث يشهد له ما سبق.