للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شرح حديث: (إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين)

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [حدثنا أبو مروان محمد بن عثمان العثماني حدثنا إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب عن عامر بن واثلة أبي الطفيل: أن نافع بن عبد الحارث لقي عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعسفان، وكان عمر استعمله على مكة، فقال عمر رضي الله عنه: من استخلفت على أهل الوادي؟ قال: استخلفت عليهم ابن أبزى، قال: ومن ابن أبزى؟ قال: رجل من موالينا، فقال عمر: فاستخلفت عليهم مولى؟! قال: إنه قارئ لكتاب الله تعالى عالم بالفرائض، قاضٍ، قال عمر: أما إن نبيكم صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين)].

قول عمر رضي الله عنه: استخلفت عليهم مولى؟ قال: إنه قارئ لكتاب الله).

يعني: استخلف عليهم مولى، وهم عرب، يعني: هذا مولى من الموالي من العبيد كيف تجعله والياً عليهم؟ فقال: هذا المولى قارئ لكتاب الله.

قوله: (قال: إنه قارئ لكتاب الله تعالى عالم بالفرائض).

هذه أوصاف عظيمة: فهو قارئ لكتاب الله عالم بالفرائض قاضٍ، ولهذا ولاه بهذه الصفات.

وهذا حديث عظيم رواه مسلم في صحيحه: (إن الله يضع بهذا القرآن أقواماً) يعني: يرفع أقواماً عملوا بهذا القرآن، ونفذوا أحكامه، وصدقوا أخباره، وامتثلوا أوامره، واجتنبوا نواهيه، ووقفوا عند حدوده، وحكموه في كل شأن من شئونهم، فيرفعهم الله بهذا القرآن، ويضع آخرين في إعراضهم عن القرآن، ومخالفتهم لأحكام القرآن، وعدم تصديقهم لأخباره، فالله يرفع بهذا القرآن أقواماً ويضع به آخرين، يرفع به أقواماً وإن كانوا ليس لهم نسب، فالأعاجم رفعهم الله، ورفع الله بلالاً بهذا القرآن، ورفع صهيباً، ورفع الله من بعدهم من العلماء كـ البخاري رحمه الله، فإنه إمام أهل السنة والجماعة رفعه الله بهذا القرآن، وبالعمل بهذا القرآن والعمل بالسنة، ومن عمل بالسنة فقد عمل بالقرآن، فإن الله تعالى يقول: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} [المائدة:٩٢]، وقال: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} [الحشر:٧].

ووضع الله آخرين، كما وضع أبا لهب وأبا جهل، حيث وضعهم في الحضيض وإن كانوا أشرافاً في النسب؛ لأنهم لم يعملوا بهذا القرآن.

والعبد يولى القضاء، إلا إذا كان مملوكاً لسيده، يعني: إذا كان مملوكاً فلا بد من إذن سيده.

فالقاضي لا بد أن يكون حراً، أما إذا كان لا يزال في الرق فهو مشغول بسيده لا يتولى، حتى الحج لا يجب عليه، حتى يعتق، لحديث: (أيما عبد حج ثم أعتق فعليه أن يحج حجة أخرى).

<<  <  ج: ص:  >  >>