[شرح حديث عائشة:(الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات)]
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [حدثنا علي بن محمد، حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن تميم بن سلمة، عن عروة بن الزبير، عن عائشة رضي الله عنها قالت:(الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات، لقد جاءت المجادلة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأنا في ناحية البيت تشكو زوجها، وما أسمع ما تقول، فأنزل الله:{قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا}[المجادلة:١])].
هذا الحديث فيه إثبات السمع لله عز وجل، وأن الله تعالى يسمع الأصوات، ولا يخفى عليه شيء، وفيه الرد على المعتزلة والجهمية الذين ينكرون السمع لله.
المجادلة التي جاءت هي خولة بنت حكيم، حيث أتت إلى النبي صلى الله عليه وسلم لما ظاهر منها زوجها أوس بن الصامت، وقال لها: أنت علي كظهر أمي، فجاءت تشكوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالت: أشكوا إلى الله صبية إن ضممتهم إلي جاعوا، أو إليه ضاعوا، وقالت: إنه تزوجني وأنا شابة حتى إذا نثر بطني، وأكل مالي، جعلني كظهر أمه فهل من رخصة؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم:(ما أراك إلا قد حرمت عليه) وهي تردد أشكوا إلى الله صبية إن ضممتهم إلي جاعوا أو إليه ضاعوا، ثم نزل الوحي إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وأنزل الله صدر سورة المجادلة:{قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ * الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ * وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ}[المجادلة:١ - ٣]، فأنزل الله الكفارة، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أوساً أن يكفر، وتعود إليه زوجته.
قالت عائشة رضي الله عنها: إن المجادلة - وهي خولة بنت حكيم - تجادل النبي صلى الله عليه وسلم ويخفى علي شيء من كلامها، ولكن الله لم يخف عليه شيء، فسمع كلامها من فوق سبع سماوات؛ فأنزل:{قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ}[المجادلة:١] وفي الآية إثبات سمع الله عز وجل، والرد على المعتزلة والجهمية.