[شرح حديث: (إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته)]
قال المصنف رحمه الله تعالى: [قال أبو الحسن: وحدثنا أبو حاتم محمد بن يزيد بن سنان الرهاوي حدثنا يزيد بن سنان يعني: أباه حدثني زيد بن أبي أنيسة عن فليح بن سليمان عن زيد بن أسلم عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه رضي الله عنه قال: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم) فذكر نحوه].
وأبو الحسن القطان هو: راوي سنن ابن ماجة.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن يحيى حدثنا محمد بن وهب بن عطية حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا مرزوق بن أبي الهذيل حدثني الزهري حدثني أبو عبد الله الأغر عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته علماً علمه ونشره، وولداً صالحاً تركه.
ومصحفاً ورثه، أو مسجداً بناه، أو بيتاً لابن السبيل بناه، أو نهراً أجراه، أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته يلحقه من بعد موته).
وهذا الحديث ضعيف؛ لأجل مرزوق بن أبي هذيل، ولكن هذه الأمور التي ذكرها يغني عنها حديث أبي هريرة: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له) رواه الإمام مسلم في صحيحه.
قوله صلى الله عليه وسلم: [(وولداً صالحاً تركه)].
كذلك (ولد صالح يدعو له)، كما في حديث أبي هريرة عند مسلم.
قوله صلى الله عليه وسلم: [(ومصحفاً ورثه)].
هذا أيضاً من الصدقة الجارية، طبع كتاباً أو مصحفاً على نفقته فهو من العلم الذي ينتفع به.
وقوله صلى الله عليه وسلم: [(أو مسجداً بناه)].
كذلك هذا من الصدقة الجارية.
وقوله صلى الله عليه وسلم: [(أو بيتاً لابن السبيل بناه)].
كذلك هذا من الصدقة الجارية.
[(أو نهراً أجراه)].
وكذلك هذا من الصدقة الجارية.
[(أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته)].
وهي التي مضت في حياته.
[(يلحقه من بعد موته)].
كل هذه الألفاظ صحيحة وإن كان السند فيه ضعف.
ومن معاني: (مصحفاً ورثه) أن يأتي بمصحف ويوقفه للمسجد.
والصدقة حال الصحة والحياة أفضل، يقول النبي في صحيح البخاري لما سئل: (أن تصدق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر وتأمل الغنى، ولا تمهل -أي: لا تؤخر- حتى إذا بلغت -يعني: الروح- الحلقوم قلت: لفلان كذا، ولفلان كذا، وقد كان لفلان)، فأفضل الصدقة ما كان في زمن الصحة والشح، (وأنت صحيح شحيح، تخشى الفقر وتأمل الغنى) بخلاف ما إذا كان الإنسان مريضاً، وبسبب مرضه رخص عنده المال، بخلاف وقت الصحة يكون المال غال ونفيس؛ فإن تصدق في هذه الحالة كان أفضل.
ومعلوم أن النية تسبق العمل، فمن تصدق بشيء فهو على حسب نيته، فمن وضع مصحفاً في المسجد بنية الوقف فهو كذلك، وإن وضعه بنية أخذه فلا بأس بذلك، ومن تصدق بصدقة ينوي بها نفسه كتبت له، وإن نوى بها الميت فهي للميت، ولا يصح أن يتصدق بها على نفسه ثم ينوي بها للميت، فإذا سبقت النية العمل انتهى الأمر.
والاستغفار يصح، ويصل إلى الميت، أما التسبيح فما عليه دليل.
وابن خزيمة رحمه الله حسن الحديث، وهو يتساهل، لكن يحتمل أنه ترجح عنده التحسين للشواهد، ولحديث أبي هريرة عند مسلم.