بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصل اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب اتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا شريك عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما أمرتكم به فخذوه، وما نهيتكم عنه فانتهوا)].
هذا كتاب سنن ابن ماجه رحمه الله، وهو أحد السنن الأربعة التي هي دواوين الإسلام، وجمعت فيها أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا الكتاب يمتاز عن غيره بميزتين: الميزة الأولى: المقدمة العظيمة التي ذكرها في أصول الدين والتوحيد وتعظيم السنة، وذكر فيها ما يقارب من مائتين وسبعة وثلاثين حديثاً، وهذه المقدمة العظيمة امتاز بها عن بقية أصحاب السنن، فإن سنن أبي داود وسنن النسائي وسنن الترمذي ابتدأها أصحابها بذكر أحكام الطهارة، أما ابن ماجه رحمه الله فإنه بدأ سننه بهذه المقدمة العظيمة كما فعل صاحبا الصحيحين البخاري ومسلم رحمهما الله؛ فإن البخاري بدأ كتابه الجامع الصحيح بكتاب بدء الوحي، ثم بكتاب الإيمان، والإمام مسلم افتتح كتابه بكتاب الإيمان، وابن ماجه افتتح بهذه المقدمة العظيمة، وهذه ميزة تميز بها، وهي مقدمة عظيمة تتعلق بالتوحيد وتعظيم السنة.
الميزة الثانية: الأحاديث الضعيفة الكثيرة، وإذا علمها طالب العلم فإن هذا يعتبر بالنسبة له علماً جماً يستفيده، فطالب العلم مستفيد من معرفة الأحاديث الموضوعة والضعيفة، فالأحاديث الضعيفة إذا كان الضعف فيها شديداً فلا يعتبر بها، ولا تقويها المتابعات والشواهد كما إذا كان في سنده متهم بالكذب.
أما إذا لم يشتد الضعف فإن طالب العلم يبحث عنه، وإذا وجد للحديث متابعاً أو شاهداً فإنه يتقوى ويرتقي إلى درجة الحسن لغيره ويعمل به.
والغالب أن الحديث الذي ينفرد به ابن ماجه رحمه الله عن بقية أصحاب السنن يكون ضعيفاً، وهو بين أمرين: إما أن يكون شديد الضعف، وهذا لا يعتد به، وإما أن يكون خفيف الضعف كأن يكون في سنده انقطاع أو مجهول أو راو مدلس، فإذا وجد له متابع أو شاهد يتقوى ويرتقي إلى درجة الحسن لغيره فيعمل به.