شرح حديث (لأبعثن رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله)
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [حدثنا عثمان بن أبي شيبية حدثنا وكيع حدثنا ابن أبي ليلى حدثنا الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: (كان أبو ليلى يسمر مع علي رضي الله عنه، فكان يلبس ثياب الصيف في الشتاء، وثياب الشتاء في الصيف، فقلنا: لو سألته، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إلي وأنا أرمد العين يوم خيبر، قلت: يا رسول الله! إني أرمد العين، فتفل في عيني، ثم قال: اللهم أذهب عنه الحر والبرد، قال: فما وجدت حراً ولا برداً بعد يومئذ، وقال: لأبعثن رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، ليس بفرار، فتشرف له الناس، فبعث إلى علي فأعطاه إياه)].
قوله:(فتشرف) يعني: تطلعوا لها؛ حتى قال عمر:(ما أحببت الإمارة إلا يومئذ)، لا حباً في الإمارة، ولكن حباً في هذه المنقبة.
قوله:(لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله) معلوم أن كل مؤمن يحب الله ورسوله، ومن لم يحب الله ورسوله فليس بمؤمن، لكن كون النبي صلى الله عليه وسلم ينص على رجل بعينه وعلى شخص بعينه بأنه يحب الله ورسوله فهذه منقبة، مما جعل الصحابة يتشوفون لها، ويتطلعون لها، (وباتوا يدوكون ليلتهم أيهم يعطاها) يعني: سهروا في الليل، من يعطى هذه الراية؟! من الذي يحصل على هذه المنقبة؟! فلما كان الصباح جاء كل واحد من الصحابة ووقف أمام الرسول صلى الله عليه وسلم، كل واحد يقول في نفسه: لعله يختارني ويعطيني الراية؛ حتى يصدق عليَّ هذا الوصف:(يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، يفتح الله على يديه)، فلم يعطها أحداً من الذين أمامه، قال:(أين علي بن أبي طالب؟ قالوا: يا رسول الله! أرمد، فقال: ائتوا بـ علي، فأتوا به أرمد يقاد، فلما جاء تفل في عينيه فبرأت في الحال)، لم يحتج إلى عملية، فهذا دليل على قدرة الله العظيمة:{فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}[البقرة:١١٧]، وهي أيضاً من دلائل نبوته عليه الصلاة والسلام، قال:(تفل في عينيه فبرأت في الحال، ثم أعطاه الراية)، وفي رواية:(أنه ما أصابه بعد ذلك رمد)، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(انفذ على رسلك، ثم ادعهم إلى الإسلام، فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم).
فهذا الحديث حديث عظيم فيه منقبة لـ علي رضي الله عنه: أنه يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، ويفتح الله على يديه.
وهذا الحديث في سنده محمد بن أبي ليلى وهو ضعيف، لكن ألفاظ الحديث ثابتة في الصحيحين وفي غيرهما، إلا قوله:(فكنت ألبس ثياب الشتاء في زمن الصيف، وثياب الصيف في زمن الشتاء) وقوله: (ليس بفرار)، قال في الصحيح:(لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، ويفتح على يديه)، وفيه دليل: على إثبات القدر، حيث أن النبي صلى الله عليه وسلم نادى علياً وهو بعيد وليس أمامه، والذي أمامه كلهم جاءوا يتطلعون ولم يعطهم شيئاً، فمن قُدر له شيء فلا بد أن يصيبه، فهذا علي دعاه وهو بعيد عنه وأرمد؛ لأن الله قدر أن يكون هو الذي يأخذ الراية.
قال البوصيري: هذا إسناد ضعيف، ابن أبي ليلى شيخ وكيع هو محمد، وهو ضعيف الحفظ، لا يحتج بما ينفرد.