وكانت الرحلات متعبة جداً، والسيارات من دائرة الأشغال التي تعطى لنا (مع غنى الحكومة) ولكنها من النوع المقيد سرعتها بـ ٦٠ كيلوامتراً في الساعة، وطبعاً لم تكن مكيفة، ونحمل فيها الطعام والشراب وبعض الحوائج. وكان الكثير منها يعد في بيت الشيخ عبد الله، وأكثر الأحيان لا نأكل ما أعددنا، بل نتركه للعربان في الطريق، لأن أهل الشمال كانوا أهل كرم وضيافة.
وأما في بلدة الخور حيث كنا نقيم فيها ساعات في الذهاب وفي العودة، وهي في منتصف الطريق بين الدوحة وقرية الرويس آخر قطر، وسكانها من سادة آل البيت النبوي - صلى الله عليه وسلم -. فكان الطعام الأول عند والده الشيخ إبراهيم، وكان رئيس المحاكم الشرعية الشيخ عبد الله بن زيد آل محمود عينه بعد عودته من بارين في منطقة الخور، وهي أكبر تجمع سكاني في قطر بعد الدوحة، للحكم في كل القضايا المستعجلة، من تحرير الإقرارات، وتثبيت الشهادات، وإبرام عقود الزواج، وهذه كانت تسجل في قطر للمرة الأولى.
وبعد ساعات عند الصديق الوفي لنا جميعاً الشيخ عبد الله المسند شيخ قبيلة المهاندة، وبيته كان مفتوحاً لكل الناس، فضلاً عن بعثة المعارف.
وحدثت صلات قوية بيني وبينه (حتى أنه كان يترك شرب النرجيلة (الكدو) بحضوري، ومع أولاده الشيخ ناصر، والشيخ أحمد، واستمرت الصلة معهم يوم هاجروا إلى الكويت (لبعض الخلافات العشائرية)، وتكرموا بزيارتنا في سورية ولبنان، وتعرفوا على القيادات الإسلامية في سورية، مثل: الشيخ محمد الأشمر، والدكتور مصطفى السباعي، والأستاذ عصام العطار، ووالدي مصطفى الشاويش رحم الله الجميع.
وأنشأنا المدارس في كل القرى الشمالية، وجمعنا بعض المضارب مع بعضها، وتم نقل الطلاب بواسطة السيارات.