للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك اعتماد الإمام الشافعي على أقوال تلميذه الإمام أحمد بن محمد بن حنبل فيما صح عنده من أحاديث, أكثر من أن تحصر, فضلاً عن رجوعه في مذهبه المصري الجديد, عن الكثير من أقواله في مذهبه في العراق, وأن رجال مذهبه أبقوا المذهب على عدد كبير من المسائل تابعة لما كان عليه في بغداد, مع أن رسالته "الأم" بين أيديهم.

إلى أن فشا التقليد في منتصف القرن الرابع، وبدأ التعصب المذهبي البغيض يسود بعض تلك الأوساط.

وكلما جاء قرن بعد ذلك, كان أكثر تقليداً، وأشد انتزاعاً للأمانة من صدور الرجال, حتى اطمأنوا كلهم, أو كثرتهم الغالبة إلى القول:

{إنا وجدا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون} [الزخرف: ٢٢] (١).

وكان بعد ذلك التناحر بين أتباع المذاهب بحيث لم يكن يحب صاحب مذهب -أو كبار أتباعه- أن تبقى المذاهب الأخرى، وذلك تحت رعاية الدولة التي تدين برأيه.

يقول المقريزي:

"وكانت الإفريقية الغالب عليها السنن والآثار, إلى أن أقدم عبد الله بن فروج أبو محمد الفارسي بمذهب أبي حنيفة، ثم غلب أسد بن الفرات بن سنان (٢) قاضي إفريقية بمذهب أبي حنيفة".


(١) "الإنصاف" للمرداوي (ص٩٦).
(٢) كان رحمه الله من المجاهدين الكبار وشهد فتوحات في إفريقية, وتفقه على مذهب الإمام أبي حنيفة, وكانت وفاته سنة ٢١٣هـ = ٨٢٨م.

<<  <  ج: ص:  >  >>