للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجميل من الإمام أحمد إنكاره لدعوى الإجماع من بعد الصحابة, والإجماع المدعى بعدهم كان من أسباب الفرقة بين المسلمين عند دعواهم: أن من أنكر الإجماع فقد كفر!! من غير أن يعرفوا كيف كان هذا الإجماع!! (١)

وقال شيخ مشايخنا عبد القادر ابن بدران (٢): "ذهب أصحابنا إلى أنه لا يجوز خلو العصر عن مجتهد، وإلى ذلك ذهب طوائف، ولم يذكر ابن عقيل خلاف هذا إلا عن بعض المُحْدَثِين" (٣).

وقد رد العلماء على مقالة سد باب الاجتهاد في كل عصر. وإليكم بيان وجهات نظرهم حول سد باب الاجتهاد باختصار، نصاً أو إشارة.

(قال أبو الحسن علي بن عمر المعروف بابن القصار المالكي البغدادي (ت ٣٩٧هـ) في كتابه "المقدمة في أصول الفقه" الباب التاسع عشر في الاجتهاد، وفيه تسعة فصول، ثم قال:

"الثالث فيمن يتعين عليه الاجتهاد: أفتى أصحابنا -رحمهم الله- بأن العلم على قسمين: فرض عين, وفرض كفاية. ففرض العين الواجب على كل أحد هو علمه بحالته التي هو فيها.

(وأما فرض الكفاية: العلم الذي لا يتعلق بحالة الإنسان، فيجب على الأمة أن تكون منهم طائفة يتفقهون في الدين ليكونوا قدوة للمسلمين حفظاً للشرع من الضياع، والذي يتعين من هذا من الناس من جاد حفظه, وحسن إدراكه، وطابت سجيته، ومن لا فلا" (٤).


(١) أنظر "مسائل الإمام أحمد لابنه عبد الله" الصفحة ٣٩٠بتحقيقي, طبع المكتب الإسلامي.
(٢) هو العلامة الشيخ عبد القادر بن أحمد بن مصطفى شيخ مشايخي, ولد في دوما سنة ١٢٦٥هـ, ثم سكن دمشق. وله المؤلفات السلفية الرائعة, وقد طبعت له, "جواهر الأفكار ومعادن الأسرار (تفسير بدران) ", وكتاب "منادمة الأطلال في تاريخ ووصف مساجد ومدارس دمشق", وعندي له عدد من مخطوطاته تحت الطبع. توفي رحمه الله سنة ١٣٤٦هـ.
(٣) "المدخل إلى مذهب الإمام أحمد بن حنبل" (ص ١٩١). وراجع "الاجتهاد في الإسلام" (ص ٢٢٤ - ٢٢٥) مفصلاً.
(٤) "الرد على من أخلد إلى الأرض" للسيوطي (ص ٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>