للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلذلك وجب الاجتهاد على من تقع به الكفاية.

"وفرض الكفاية هو أن يتعلم ما يبلغ رتبة الاجتهاد ومحل الفتوى والقضاء، ويخرج من عداد المقلدين، فعلى كافة الناس القيام بتعلمه، غير أنه إذا قام من كل ناحية واحد أو اثنان سقط الفرض عن الباقين، فإذا قعد الكل عن تعلمه عصوا جميعاً لما فيه من تعطيل أحكام الشرع. قال الله تعالى:

{فلولا نفر من كل فرقة طائفة ليتفقهوا في الدين} [التوبة: ١٢٢] (١).

(وقال أحمد بن علي بن محمد المعروف بابن برهان (ت ٥٢٠هـ):

"الباري سبحانه وتعالى قادر على التنصيص على حكم الحوادث والوقائع ولم يفعل، ولكن نصّ على أصول، وردّ معرفة الحكم في الفروع إلى النظر والاجتهاد" (٢).

(قال أبو الفتح محمد بن عبد الكريم الشهرستاني (ت ٥٤٨هـ):

"ثم الاجتهاد من فروض الكفايات لا من فروض الأعيان حتى إذا اشتغل بتحصيله واحد سقط الفرض عن الجميع، وإن قصر فيه أهل عصر عصوا بتركه، وأشرفوا على خطر عظيم. فإن الأحكام الاجتهادية إذا كانت مرتبة على الاجتهاد، وترتيب المسبّب على السبب، ولم يوجد السبب كانت الأحكام عاطلة، فلا بد إذن من مجتهد" (٣).

(وقال شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية بعد ذكر من يقول بوجوب التقليد بعد عصر أبي حنيفة ومالك مطلقاً:

"والذي عليه جماهير الأمة أن الاجتهاد جائز في الجملة، والتقليد جائز في الجملة، لا يوجبون الاجتهاد على كل أحد ويحرمون التقليد، ولا يوجبون التقليد على كل أحد ويحرمون الاجتهاد، وأن الاجتهاد جائز للقادر على الاجتهاد، والتقليد جائز للعاجز عن الاجتهاد" (٤).


(١) الرد للسيوطي (ص ٦٩).
(٢) المرجع نفسه (ص ١٧٠).
(٣) المرجع نفسه (ص ٧٤).
(٤) فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (٢٠/ ٢٠٣ - ٢٠٤) , ويراجع "رفع الملام عن الأئمة الأعلام", فإن هذا الكتاب من أحسن ما ألف في بيان الدفاع عن علماء الأمة, وقد طبعته بعد تحقيقه في المكتب الإسلامي.
وانظر في أخبار شيخ الإسلام الكتب الآتية:
"الرد الوافر على من زعم بأن من سمى ابن تيمية شيخ الإسلام كافر" للعلامة ابن ناصر الدين الدمشقي بتحقيقي, و"الأعلام العلية في مناقب ابن تيمية" للإمام البزار بتحقيقي, وهي من مطبوعات المكتب الإسلامي.

<<  <  ج: ص:  >  >>