(وقال شمس الدين محمد بن أبي بكر المعروف بابن قيم الجوزية (ت ٧٥١هـ) بصدد الرد على التقليد:
"وهذه بدعة حدثت في الأمة لم يقل بها أحد من أئمة الإسلام، وهم أعلى مرتبة وأجل قدراً، وأعلم بالله ورسوله من أن يلزموا الناس بذلك، وأبعد منه قول من قال: يلزمه أن يتمذهب بمذهب عالم من العلماء.
وأبعد منه من قال: يلزمه أن يتمذهب بأحد المذاهب الأربعة.
فيا لله العجب! ماتت مذاهب أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومذاهب التابعين وتابعيهم وسائر أئمة الإسلام، وبطلت جملة [وتفصيلا] إلا مذاهب أربعة أنفس فقط من سائر الأئمة والفقهاء.
مع أن المذاهب التي دُونت اكثر من ثمانين مذهباً, ومنها مذهب الظاهرية, ومذهب إمام أهل الشام عبد الرحمن الأوزاعي الذي كان سائداً لمدة مائتي سنة في بلاد الشام والأندلس, خلال الخلافة الأموية فيها وبعدها, فضلاً عن المذاهب الفردية الأخرى.
هل قال ذلك أحد من الأئمة، أو دعا إليه، أو دلت عليه لفظة واحدة من كلامه عليه؟! والذي أوجبه الله تعالى ورسوله على الصحابة والتابعين وتابعيهم هو الذي أوجبه على من بعدهم إلى يوم القيامة، لا يختلف الواجب ولا يتبدل، وإن اختلفت كيفيته أو قدره باختلاف القدرة والعجز والزمان والمكان والحال. فهذا أيضاً تابع لما أوجبه الله ورسوله" (١).
(وقال أبو إسحاق إبراهيم بن موسى الشاطبي (ت ٧٩٠هـ).