للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

" ... إن الوقائع في الوجود لا تنحصر، فلا يصح دخولها تحت الأدلة المنحصرة، ولذلك احتيج إلى فتح باب الاجتهاد من القياس وغيره. فلابد من حدوث وقائع لا تكون منصوص على حكمها، ولا يوجد للأولين فيها اجتهاد. وعند ذلك فإما أن يترك الناس مع أهوائهم، أو ينظر فيها بغير اجتهاد شرعي، وهو أيضاً اتباع للهوى، وذلك كله فساد، فلا يكون بدّ من التوقف لا إلى غاية، وهو معنى تعطيل التكليف لزوماً، وهو مؤد إلى تكليف ما لا يطاق، فإذاً لا بد من الاجتهاد في كل زمان، لأن الوقائع المفروضة لا تختص بزمان دون زمان" (١).

(وقال الزركشي:

"فلا بد أن يكون وجود المجتهد من فروض الكفاية، ولا بد أن يكون في كل قطر من تقوم به الكفاية، ولهذا قالوا: إن الاجتهاد من فروض الكفايات" (٢).

(وقال جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي (ت ٩١١هـ) في مقدمة كتابه: "الرد على من أخلد إلى الارض".

"وبعد، فإن الناس قد غلب عليهم الجهل وعمهم، وأعماهم حب العناد وأصمهم، فاستعظموا دعوى الاجتهاد, وعدّوه منكراً بين العباد.

ولم يشعر هؤلاء الجهلة أن الاجتهاد فرض من فروض الكفايات في كل عصر, وواجب على أهل كل زمان أن يقوم به طائفة في كل قطر, وهذا كتاب في تحقيق ذلك ... " (٣).

(وقال محمد بن إسماعيل المعروف بالأمير الصنعاني.

" ... فالحق الذي ليس عليه غبار الحكم بسهولة الاجتهاد في هذه الأعصار, وإنه أسهل منه في الأعصار الخالية, لمن له في الدين همة عالية، ورزقه الله فهما صافياً وفكراً صحيحاً ونباهة في علمي السنة والكتاب".


(١) "الموافقات" للشاطبي (٤/ ١٠٤).
(٢) "الرد" للسيوطي (ص ٧٩) , والزركشي من كبار علماء الشافعية, وله كتاب "الإجابة فيما استدركته عائشة على الصحابة", تحقيق أستاذنا سعيد الأفغاني -تغمده الله برحمته-, طبع المكتب الإسلامي.
(٣) "الرد" للسيوطي (ص ٦٥) , والأمير الصنعاني توفي سنة ١١٨٢ هجرية رحمه الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>