للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانياً: لا يعني الاجتهاد الآن إحداث آراء جديدة لوقائع مستحدثة فقط, وإنما مجاله أيضاً النظر في دلالة أدلة المذاهب الفقهية من حيث القوة والضعف, وترجيحها على الأخرى, بدون تقيّد بمذهب معين, ليجد الباحث عن الحق بغيته بدون أي تخبط.

ثالثاً: ليس المقصود بهذا العرض أن يسمح لكل من هب ودب أن يتلاعب بالشريعة باسم الاجتهاد, ولذلك قلنا مع شيخ الإسلام ابن تيمية: بوجوب الاجتهاد على العالم, ووجوب التقليد على العامي.

بل المقصود أن لا يُشَنَّع على من زَيَّنَه الله عز وجل بعلم الشريعة وفقهها, ولا يُمْنَع فضله سبحانه على من عنده كفاءة للخوض في المسائل, ولا يُتَّهَم بالخروج على الأئمة لأجل الاجتهاد, ولا يُرمى بالشذوذ إذا خالف آراء الآخرين بالأدلة, لأن أدلة الكتاب والسنة لا تكون شاذة, بل هي مستقلة بذاتها لا تحتاج إلى دليل آخر (١).

قال محمد أبو زهرة: "ولقد كان ابن تيمية ينهى من عنده أدوات الاجتهاد عن التقليد, ويوصي الدارس الفاحص ألا يَتَّبِعَ إلا من يوصله عليه الدليل, غير معتد على سواه, ولا يتبع غير سبيله ... "

"وأنه يفتح باب الاجتهاد على مصراعيه للقادر عليه, وإن كان يستطيع أن يجتهد في بعض أبواب الفقه دون البعض الآخر, وسعه أن يقلد فيما لا يستطيع أن يجتهد فيه, ولا يسعه التقليد فيما يستطيع الاجتهاد فيه" (٢).

اجتهادات منتقدة

نعم وقد وجد عند بعض المُحدَثين بعض المسائل التي اجتهد فيها أفراد منهم, وكانوا محل اعتراض من غيرهم, من أهل العلم مثل:


(١) وانظر كتاب "الحديث حجة بنفسه في العقائد والأحكام" للشيخ محمد ناصر الدين الألباني, وكان حديثاً ألقاه في كلية الشريعة بدار الفتوى في بيروت, وطبع في المكتب الإسلامي.
(٢) "ابن تيمية" محمد أبو زهرة, (ص ٤٥١) دار الفكر العربي.

<<  <  ج: ص:  >  >>