[معاشرة زملاء السوء]
زملاء السوء، زملاء السمر، زملاء الأفلام، زملاء الفيديو، زملاء التمثيليات والمسرحيات والجلسات والتمشيات، هؤلاء يقودون كثيراً من الناس إلى الزنا، يقول لي شخص من الشباب وقد هداه الله إلى الإسلام بعد أن خرج من الطريق وكاد أن يهلك، لكن الله رحمه ورده، يقول: نشأت نشأة الإيمان لا أعرف شيئاً أبداً من هذا الكلام، وبلغت مبلغ الرجال وكان عمري تسعة عشر سنة يقول: والله ما دار في ذهني ولا علق في فكري أني أنظر إلى امرأة وأنا عمري تسعة عشر سنة؛ لأني لا أعرف هذا الكلام، لا أعرف إلا الصلاة والمسجد وأبي من أهل الخير، يقول: وأنا في مدرسة القرآن، يعني: حياة إسلامية كاملة لا يدور أبداً في ذهني هذا الكلام، يقول: وجئت يوماً من الكلية وأنا في سيارة زميل شيطاني قرين من قرناء الشر يقول: وفي الطريق ما ذهب بي إلى البيت قال: هيا نذهب إلى السوق، لماذا؟ قال: ننظر، قلت: ماذا تنظر؟ قال: أريد أن أشتري حاجة، يقول: وأخذ بيدي ودخل سوق الذهب يقول: أنا كنت إذا مررت على المرأة أنصرف، يقول: وليس من أجل الدين لكني تعودت، لا أستطيع أفتش أخجل، لكن هذا الشيطان يقول: منذ أن مررنا على أول امرأة بدأ يطلق كلمات ويعاكس بها البنات يقول: وأنا موجود خجلت لكني استعذبت هذا الشيء، يقول: شيء جديد في حياتي فاستعذبته يقول: وسرت عليه، وفي اليوم الثاني بدلاً من أن أرجع من الكلية إلى البيت ذهبت إلى السوق مثل الشيطان الرجيم، يقول: ولما مرت عليَّ امرأة بدأت أرمي نفس الكلمات التي كان يقولها، يقول: وبدأت في الانزلاق، انظروا! الزاوية الحادة رأسها يكون صفر، لكن نهايتها كيلو، تنفرج الزاوية إلى أن تصل إلى النار والعياذ بالله.
فهذا بدأ بكلمة يقول: وما أدركت نفسي في يومٍ من الأيام إلا وأنا أستثقل الصلاة، وأنسى القرآن، وأكره الإخوان، ولا أحب الكلية، يقول: مباشرة أبحث عن شيء جديد يقول: انفتح شيطان جديد قادني إلى هذا الأمر، يقول: فتح لي باباً ثانياً اسمه: باب الأغاني لم أكن أعرفه وأدخلني منه، وفتح لي باباً ثالثاً: باب الجرائد والمجلات الخليعة، مجلة النهضة بعشرة ريالات، أي نهضة؟! نهضة الحمير هذه، الأسماء هذه الكذابة، مجلة النهضة ومجلة اليقظة، أي يقظةٍ وأي نهضة؟!! يقظة الجنس، نهضة الزنا والحرام وبعشرة ريالات، يقول: وأشتريها بعشرة، بينما المجتمع بأربعة ريالات لا أحد يشتريها التي فيها يقظة صحيحة، والتي فيها نهضة حقيقية فيها نهضة الروح ويقظة القلوب إلى بارئها وإلى فاطرها، هذه لا أحد يشتريها إلا أصحاب القلوب الصحيحة، أما الذباب البشرية التي لا تأتي إلا على النجاسات والفضلات تشتري المجلة بعشرة ريالات، لماذا؟ لأن فيها صورة عاهرة، صورة بنت ممثلة أو مغنية مادة لأرجلها أو ليديها مثل الكلبة يقول: وما عرفت بعد ستة أشهر إلا وأنا في اتجاهٍ آخر غير الاتجاه الذي كنت فيه، يقول: وتشاء إرادة الله أن تتداركني عناية الله بلحظة من اللحظات وفي جلسة من الجلسات، نعم وأرجع والحمد لله.
فانتبه انتبه! فالقضية خطيرة جداً لا تتساهل لا تعتمد على أنك مؤمن، لا.
ثم لا.
الشيطان والله ما يتركك والشيطان حريص أن يجلب عليك بكل وسيلة.
أحمد بن حنبل إمام أهل السنة الذي مات واهتزت الدنيا لموته رضي الله عنه وأرضاه لمواقفه العظيمة، لما جاءه الموت كانوا يقولون له: قل: لا إله إلا الله، فيقول: لا بعد، فلما أفاق قالوا: يرحمك الله يا إمام، نقول لك: قل: لا إله إلا الله فتقول: لا بعد، قال: لم أكن أكلمكم جاءني الشيطان فقال لي: فتني يا أحيمد، يقول: فتني.
يقول: يريد أن يصطادني في آخر لحظة في إدخال العجب والغرور إلى نفسي فأقول: نعم.
يمكن يصيدني في تلك اللحظة، فأقول له: لا.
ما فتك يا عدو الله! العداوة قائمة بيني وبينك إلى أن تخرج روحي وألحق بربي هناك لن تقدر عليَّ، ونحن الآن بمجرد أن يصبح عند الشخص أمن يمكن يقول: والله ما يهمك أنا أسمع الأغاني ولا تضرني، دجال كذاب والله أنت تسمعها ولا تهرب، وأنا يا شيخ! النساء لا تهمني أجلس مع النساء لكن قلبي نظيف، الله أكبر! قلبك أنظف أم قلب الصحابة؟ قلب المرأة التي تنظر إليها أطهر أم قلب الصحابيات اللائي يقول الله فيهن: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} [الأحزاب:٥٣] لماذا؟ قال: {ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} [الأحزاب:٥٣] أطهر قلوب على وجه الأرض قلوب الصحابة وأمهات المؤمنين، وبالرغم من هذا يقول الله: {مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} [الأحزاب:٥٣] ويأتي شخص من حثالة الحثالات يقول: إن قلبه نظيف إذا نظر إلى النساء، والله لو أن القلب نظيف ما نظرت إلى ما حرم الله، ولكن في قلوبهم مرض كما قال الله عز وجل: {لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} [الأحزاب:٦٠] مرض الزنا، مرض حب التبرج، مرض حب الوجوه اللامعة، مرض حب الأصوات الرخيمة، المجلس الذي ليس فيه امرأة مجلس ناشف، مجلس معقد ليس فيه طعم ولا ملح، نريد مجلساً مشتركاً، هؤلاء مرضى بمرض الزنا، قال الله عز وجل: {وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلاً * مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً * سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً} [الأحزاب:٦٠-٦٢] .
زملاء السوء انتبه! إذا رأيت زميلاً سيئاً فاحذر منه حذارك من الأسد.
ذات مرة وأنا في مكة قبل فترة شخص يسأل يقول لي: أنا شاب وطيب ومهتدٍ وملتزم والحمد لله، لكن لي زملاء أربعة أو خمسة يسمعون الغناء ولا يصلون، ويستهزئون بسنة النبي صلى الله عليه وسلم التي أنا عليها يقول: وأنا في صراع معهم ولا أقدر السكن إلا معهم؛ لأنهم من الجماعة، يقول: لا أستطيع أن آخذ لي عزبة وأذهب وحدي أنا معهم فماذا أصنع؟ فقلت له: معك ثلاثة من الجماعة، لو جاءك يوم من الأيام ذهبت من الدراسة -هو يدرس في الكلية- وإذا بك تفاجأ أن هؤلاء الثلاثة كل واحد منهم معه تقرير طبي، قالوا: والله اليوم عملنا فحصاً في المستشفى واتضح أن الواحد منهم فيه إيدز، وآخر مريض بمرض السرطان، وآخر مريض بمرض السل، فما رأيك يا زميلهم الرابع؟ تجلس معهم؟ تأكل وتشرب معهم؟ والله لا تقعد معهم ولا تلتفت فيهم حتى الالتفات، وتقول لهم: أنت مصاب بالإيدز -أعوذ بالله- وأنت مصاب بالسرطان، وأنت مصاب بالسل، أنتم تعرفون يا جماعة الخير! الحجر الصحي مطلوب والنظافة من الإيمان: {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة:١٩٥] وأنا بالرغم من إعزازكم لي وإعزازي لكم وأنتم من الجماعة، لكن هذا قضاء الله وقدره، وأنا أعتذر والله، فمن اليوم لا أستطيع أن أتغدى معكم، والله لن تتغدى معهم ذاك اليوم، وإذا أرسلت يدك عليه ويده قدامك ترى الإيدز في رأس يده، وترى السرطان في كف ذاك، وترى السل في نحر ذاك، طبعاً ورأساً تبتعد منهم.
هذا في الأمراض الحسية، ما رأيك في شخص عنده إيدز في أخلاقه يحب النساء، ويحب الأغاني والزنا، وشخص عنده سرطان في عقيدته، عنده شك في الدين، شك في الله، وفي الرسالات، وفي صلاحية الإسلام، واحد عنده سل -والعياذ بالله- في إيمانه، هذا أخطر أو أولئك؟ والله الذي لا إله إلا هو إن هؤلاء الثلاثة أخطر ألف مليون مرة من أولئك، أولئك لو جلست معهم فإنك تموت، لكن هؤلاء إذا مت وأنت معهم وقد أعدوك بأمراضهم المعنوية ذهبوا بك إلى جهنم، أهلكك في الدنيا والآخرة، لماذا تجلس مع واحد تعرف أن عنده فساد في عقيدته، احذر ثم احذر، انتبه يا أخي الشاب! لا تجلس إلا مع من تعرف أنه سليم ومعافى في عقيدته وأخلاقه ودينه وإيمانه، وقد تقول: أنا أريد أن أهديه، فهذا مدخل ظاهره فيه الرحمة وباطنه من قبله العذاب، يأتي لبعض الناس شيطان يقول: يا شيخ! اصبر على الناس، ينبغي عليك أن تصبر، إذا أصبحت عندك حصانة ومناعة، قوة إيمان، قوة علم، سعة إطلاع، معرفة للشرور، عندها تأتي على ناس وتمد لهم حبلاً ولا تنزل إلى مستنقعهم وتجرهم، فإن رأيت أنك تجرهم فالله يعينك، وإن رأيت أنهم يجرونك فك الحبل لهم ودعهم في مستنقعهم؛ لأن بعض الناس يقول: لا أنا أريد أن أجر، فيتعاونون عليه فيجرونه حتى يظل معهم، وتلك الساعة لا سلم ولا كر، أردنا الربح فعودنا ربحهم، يريد أن يدعوهم فدعوه، لا حول ولا قوة إلا بالله! يجب أن تحذر من رفقاء السمرات والبشتات والأفلام والعشوات والعقبات؛ لأن العقبة الآن، أكلت أموال الناس، تراهم في كل وادٍ معهم التلفاز والورقة والغنم المحنوذة، ونعم الله تشتغل! والمعاصي تشتغل! وهذا نذير العذاب، ما كنا نشبع يا إخوان! نحن ضيوف حضارة، ولسنا نحن أهل حضارة دائماً، والضيف لابد أن يكون حشيماً، وإذا لم يكن حشيماً صاحب البيت ينذره، إذا دخلت وأنت ضيف وقعدت تخرب على صاحب البيت قال: الله يقلعك، أنا أريد أن أكرمك وأنت رفضت، هيا اترك والله لن تذوق العشاء، ليس عندنا ضيوف حضارة، ما عندنا شيء ما عندنا إلا الجبال والبطحى والصحاري، لكن الله أكرمنا، وأنعم علينا، فإذا ما شكرنا الله عز وجل أنذرنا، ورد علينا مثل ما كنا وأسوأ، كما جاء في بعض الآثار الإلهية يقول الله: (إني أنعم حتى يرفعونه، ثم أمنع حتى يشتكونه) هل نحن نريد الثانية؟ الأولى قد وقعت قد أنعم حتى رفعها، وباقي الثانية، نخاف منها يا إخوان! لا حول ولا قوة إلا بالله! ليس هناك عقبة أو في تهامة، سمِّ داراً من دور بيتك تهامة، واجعل مدفأة تدفئ فيها قليلاً وتقول: والله كأنك في تهامة، وصل لك ركعتين، وخذ كتاب رياض الصالحين أو كتاب تفسير ابن كثير واجلس في بيتك.