من أسباب فشو جريمة الزنا: إلغاء العقوبة الشرعية المقررة في كتاب الله وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم على الزاني والزانية في كثيرٍ من بلاد المسلمين واعتبار الموضوع بسيطاً، يعني: زنت ليس هناك شيئاً، هذا لا يعاقب عليه القانون، وما هو الذي يعاقب عليه القانون؟ قال: إن كانت هي زنت بإكراه يعني شخص جبرها هذا لا يمكن، أما إذا كانت راضية لا يعاقب عليه القانون لا إله إلا الله! ألغوا كلام الله وكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يقول الله فيه:{الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ}[النور:٢] لا ترحمه ولا ترحمها؛ لأن الذي شرع هذا الأمر هو أرحم الراحمين:{إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}[النور:٢] ألغوا العقوبات، فلما ألغيت العقوبة فشت الجريمة، لم يعد هناك مانع، ولم يعد هناك جزاء صارم يحول بين الإنسان وبين الوقوع في هذا الشر، وأيضاً الفرص كلها ممكنة والأمور كلها متاحة، فأوجدوا كل سبيل ثم بعد ذلك طبيعي مما يقيمون من الحدود، ففشت جريمة الزنا فإنا لله وإن إليه راجعون!! بعضهم يقولون: إن هذه العقوبات الشرعية لا تلائم إنسان العصر، يقولون: إن العصر هذا عصر الحضارة أو عصر الخسارة والحضيرة؟ عصر التقدم والرقي ولكن إلى جهنم، الإنسان فيه أصبح ناضجاً ومثقفاً ولا يليق بنا نحن أن نجلد ظهره أو أن نرجمه، يجب علينا أن نغير هذه نظرتهم! يقولون: لأن هذا شيء من القسوة والوحشية، ونحن نقول بمنطقين، هذا الزاني وهذه الزانية عضوٌ مريض في جسد هذه الأمة الإسلامية، والعضو المريض الذي ينتشر ضرره إلى الجسد توصي العقول باستئصاله وبتره أليس كذلك؟ الآن عندما تذهب إلى الطبيب ويرى في إصبعك أو في بطنك شيئاً زائداً أليس يوصي بفتح بطنك، وتوقع له أنت ورقة مستقبلية مقدماً: إني موافق على إجراء العملية، وإني لا أطالب الطبيب بأي مسئولية في حالة وفاتي؟ هذه ليست قسوة ووحشية أن يخدرك وينتزع بطنك ويأخذ منك شيئاً أو يقطع يدك أو رجلك، نعم هذه قسوة لكنها رحمة بالجسم، فنحن نقسو على العضو رحمةً بالكل ولا نسميها قسوة في عُرف الأطباء وكذلك في عُرف الشرع، نحن نقسو على الفرد الفاسد الزاني فنجلده إن كان بكراً ونرجمه إن كان محصناً، ونقسو على السارق فنقطع يده؛ لأنها يد عازمة يد دنيئة يد قذرة، ونقسو على القاتل فنقتله لماذا؟ رحمةً بالمجتمع، رحمةً بالجسم الكلي، وكم نقطع أيادي ما قطعنا كثير؛ لأنه إذا امتلأت القلوب بالإيمان وعرفت اليد هذه أنها سوف تقطع لن تسرق، لكن ما رحمنا يداً واحدة ما قطعناها لكنا أهلكنا المسلمين كلهم، وأشعنا السرقة في المجتمع كله لماذا؟ لأننا رحمنا، ففي سبيل رحمتنا لفردٍ ضحينا بالأمة كلها، ولهذا يقول الله عز وجل:{وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ}[البقرة:١٧٩] يقولون في الجاهلية: (القتل أنفى للقتل) لكن الله يقول في الشرع: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ}[البقرة:١٧٩] في الموت حياة، الموت فيه حياة هذه متضادة، نعم.
هذا حياة للآخرين، فليست الحدود الشرعية التي تتطبق على الجناة بقسوة وإنما هي رحمةٌ بهم في تطهيرهم من عذاب الله في الآخرة، ورحمةً بالمجتمعات حتى تصان من تفشي هذه الجريمة المنكرة.