عندنا مسجد في سكن الكلية لا يصلي فيه إلا عدد قليل، ولا يتجاوزون في بعض الأوقات العشرة، فهل أصلي فيه أم أذهب إلى مسجد آخر؟
الجواب
فعل الصلاة في المسجد الأكثر جماعة أفضل، لحديث في مسند أحمد:(صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاة الرجل لوحده، وصلاة الرجل مع الرجلين أزكى من الصلاة الرجل مع الرجل، وصلاة الرجل مع ثلاثة أكثر، وكلما كان أكثر كان أحب إلى الله عز وجل) وإذا تساويا في الجماعة، يعني هذا المسجد فيه خمسون وذاك خمسون، ففعلها في المسجد القديم الذي أخذ أهلية أكبر وأقدمية في العبادة أكبر أفضل، فإن لم يتساويا، فهل الأفضل في الأبعد أو الأقرب؟ هناك روايتان عن الإمام أحمد رحمه الله: الأولى أن الأبعد أفضل، لكثرة الخطا، لحديث:(ما من مسلمٍ يتوضأ في بيته ثم يحسن الوضوء ثم يخرج من المسجد لا يخرجه إلا الصلاة إلا لم يخط خطوة إلا كتب الله له بها حسنة ورفع له درجة وحط عنه خطيئة) ولهذا كان السلف إذا خرجوا إلى المساجد يقاربون بين خطاهم، وكانوا يعرفون أن أبعد الناس منزلة من المسجد هو أكثرهم أجراً.
ويقول بعض أهل العلم: إن من يأتي إلى المسجد على سيارته أنه ينال هذا الأجر إن شاء الله، وإن كان أجر الماشي أفضل، لكن إذا كان يمشي على سيارته، فإنه لا يحرم من الأجر؛ لأن السيارة فيها مئونة وفيها كلفة، فلا يلف إطار السيارة إلا بمئونة وبنزين وتحريك وتعمية ففيها أجر إن شاء الله، لكنه لا يعدل أجر من يمشي؛ لأن الخطا كما جاء في الحديث لبني سلمة لما رأوا أنهم يبتنون بيتاً عند مسجد النبي صلى الله عليه وسلم قال:(لا يا بني سلمة! دياركم دياركم تكتب آثاركم) والرجل الذي كان يأتي إلى مسجد النبي صلى الله عليه وسلم وكان بيته يبعد عن المسجد أربعة كيلو ذهاب وأربعة كيلو مجيء، فكان يأتي في الصباح ولا يرجع إلا مع الظهيرة، ويأتي يصلي الظهر ويعود في العصر وطوال يومه يصلي تراويح في هذا المسجد، فقيل له:(ألا تتخذ لك حماراً تركبه في الظلماء والرمضاء؟ قال: إني أحتسب خطاي على الله فسمعه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: قد كتب الله لك ذلك) كتب الله له خطاه إلى المسجد.
وفي الحديث الصحيح يقول عليه الصلاة والسلام:(ألا أدلكم على ما يرفع الله به الدرجات ويمحو به السيئات؟ قلنا: بلى يا رسول الله! قال: إسباغ الوضوء على المكاره -يعني مثل هذا الوقت أيام البرد- وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط فذلكم الرباط فذلكم الرباط) .