للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حكم اللقطة في الطريق العام]

السؤال

إذا وجد شخص شيئاً في الطريق العام وأخذه أو باعه، هل يجوز له أخذه، مثل إطار سيارة جديد؟

الجواب

إذا وجد شخص إطاراً وقع من سيارة وهي تمشي في الطريق، ثم وجده في الطريق ما الحكم فيه؟ يأخذه أم يدعه أم يبيعه؟ أم ماذا يصنع؟ الجواب: اختلف أهل العلم في هذا على أقوال: ذهبت طائفة كبيرة من أهل العلم، على أنه لا يلتقط؛ لأن التقاطه مع عدم الإعلان عنه، -والإعلان بالطريقة الشرعية- يؤدي إلى أكل الحرام، وما دام أن هذه وسيلة إلى أكل الحرام، فما أوصل إلى الحرام فهو حرام، دعها ويأتي صاحبها يأخذها.

وقال آخرون: لا.

بل يجب أخذها؛ لأن عدم أخذها تضييع للمال، فقد تكون أنت أميناً ورأيت هذا الإطار فتركته وكان بإمكانك أن تعلن وتبين هذه الضالة للناس حتى يجدها صاحبها، لكن إذا تركتها يأتي آخر شرير وأخذها ويخفيها، فتكون أنت بهذا مساعداً على إضاعة هذا المال، فأنت آثم.

وقال آخرون -اعتدلوا-: إن كان في أرض خير وإيمان ودين وأمانة كلهم، فلا يأخذها، بل يدعها لعل صاحبها أن يأتي فيأخذها، وإن كانت في أرض سوء كأن يكونوا كلهم لصوص وكلاب دنيا، فعليه أن يأخذها ويعرّفها، وكيف يعرّفها؟ قالوا: يعرّفها سنة كاملة في الأسبوع الأول في كل يوم مرة، أو في الشهر الأول في كل أسبوع مرة، وفي الأشهر التي بعدها في كل شهر مرة، وأين يعرّف؟ يعرّف في مجامع الناس وفي منتدياتهم، أي في غير المساجد؛ لأنه لا يجوز فيها التعريف بالضالة ولا نشدانها، فهذا حرام، وإذا سمعتم أحد يقول من رأى أو وجد لي فقولوا له: لا ردها الله عليك، فإن المساجد لم تبنَ لهذا، لكن يُعرّف في المجامع والمجتمعات والأسواق، وإذا أمكن في الصحف وفي الجرائد، وفي أي وسيلة إعلام يمكنك أن تعلن فيها، وفي المكان الذي ضاعت فيه، وبعد سنة كاملة من التعريف تحل لك، ولكنها تحل لك مع بقاء الضمان.

فتحلها وتعرف كم عددها وكميتها، ولو جاءك صاحبها بعد عشرين أو مائة سنة، فادفعها له، فأنت ضامن، ولكن بعد السنة ما عدت تستطيع أن تمسكها، فإذا جاءك بعد السنة فتعطيه، وإن لم يأتك أُحلت لك.

ونقول لهذا الأخ الذي وجد هذا الإطار: إن تركه ربما يضيعه، وإن أخذه ربما يأكل ثمنه، ولكن يعرّف به، وكيف يكون التعريف بالإطار؟ لأن هذا ليس مكان إنسان ثابت، بل طريق عام، والرجل الذي أضاعه لا يعرف في أي مكان أضاعه، ولو أنك عرّفته في الطريق ما وقف لك أحد يسمع صياحك، إذاً ما العمل؟ تأخذه وتبيعه وتتصدق بثمنه بنية أنه عن صاحبه، هذا إن شاء الله قاعدة للأقوال، والله أعلم.

أما الشيء البسيط الذي لا يهتم به أوساط الناس فإنه لا يُعرف، مثل: السواك، والقلم الرصاص، والحبل البسيط، أو ورقة، فهذه كلها أشياء لا يهتم بها أواسط الناس، فالذي لا قيمة له عند الناس، لا يحتمل أنك تقعد تصيح به، بل الشيء المهم فقط.

هذا الكلام في غير الحرم، أما لقطة الحرم فهي حرام، تلتقط، وإنما تلتقط وتسلم لولي الأمر، للشرطة أو للهيئة.

السائل: وإذا عاد صاحبها بعد أن تصدقت بثمنها؟ الشيخ: تقول له: أنا لقيت الإطار وبعته بمائة ريال وتصدقت به عنك، فإن كنت أنت تقرني على هذا التصرف فجزاك الله خيراً، وإن كنت لا تقرني فأنا أعطيك المائة، وينتقل ثوابها من صحيفته إلى صحيفتك في الآخرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>