[الأدلة الواردة في حرمة إتيان الزوجة في دبرها]
شرع الله أن تأتي زوجتك في موضع الحرث قال عز وجل: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} [البقرة:٢٢٣] الحرث الذي يبتغى فيه الولد وهو الرحم: {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة:٢٢٣] فقط في موطن الحرث، فإذا غيَّر الإنسان موطن الحرث وأتى زوجته في دبرها فقد عمل عمل قوم لوط.
ولذا من أتى زوجته في دبرها فعليه لعنة الله، وإليكم الأدلة: أخرج ابن ماجة والبيهقي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا ينظر الله إلى رجلٍ جامع امرأته في دبرها) وأخرج الإمام أحمد في مسنده قال: (ملعونٌ من أتى امرأته في دبرها) وأخرج أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجة: (من أتى حائضاً أو امرأةً في دبرها أو كاهناً فصدقه فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم) وأخرج أبو داود: (من أتى حائضاً أو امرأةً في دبرها أو كاهناً فصدقه فقد برئ مما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم) هذا ملحق باللواط، زوجتك انتبه لا يغريك الشيطان وإذا ثبت هذا فتعاقب بأن يفرق بينك وبينها، لا يجوز لك إلا أن تأتيها في موطن الحرث: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة:٢٢٣] .
وقد قص الله عز وجل في كتابه العزيز قصة قوم لوط تحذيراً لنا من أن نسلك سبيلهم فيصيبنا ما أصابهم، وقد كرر الله القصة في القرآن في غير موضع، قال عز وجل: {فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا} [هود:٨٢] أي: أمر الله تعالى جبريل أن يقلع قراهم من أساسها، غرس جناحه في الأرض السابعة من أجل النكاية بهم ثم اقتلعها من أساسها وصعد بها على طرف من جناحه من ستمائة جناح إلى أن سمع أهل السماء الدنيا أصوات حيواناتهم ثم قلبها عليهم: {وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ} [هود:٨٢] أي: من طين محرق بالنار، (منضود) أي: متتابعٍ يتلو بعضه بعضاً: {مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ} [هود:٨٣] أي: معلمة مكتوب على كل منها اسم من يصيبه، كل واحد تقع عليه ولا تقع في غيره، لا حول ولا قوة إلا بالله! ثم قال: {وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ} [هود:٨٣] أي: ما هذا العذاب من ظالمي هذه الأمة ببعيدٍ إذا فعلوا فعلتهم أن يحل بهم ما حلَّ بأولئك من العذاب، وقال عز وجل: {أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ} [الشعراء:١٦٥] سبحان الله! {أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ * وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ} [الشعراء:١٦٥-١٦٦] أي: معتدون متجاوزون للحلال إلى الحرام وقال تعالى في لوط عليه السلام: {وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ} [الأنبياء:٧٤] فأعظم خبائثهم -والعياذ بالله- أنهم كانوا يأتون الذكور في أدبارهم.
ولم يجمع الله على أمة من العذاب ما جمع على قوم لوطٍ، فإنه طمس أبصارهم قبل العذاب: {فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ} [القمر:٣٧] ثم سوَّد وجوههم، ثم أمر جبريل بحملهم من أصل قراهم ثم قلبها عليهم، ثم خسف بهم، ثم أمطر عليهم الحجارة من السماء.
وأجمع الصحابة على قتل فاعل ذلك، لكنهم اختلفوا في كيفية قتله، فقال عطاء والحسن وقتادة وهو قول الثوري والأوزاعي وأظهر قولي الشافعي: إن حده حد الزاني، إن كان ثيباً فيرجم، وإن كان غير ثيب فإنه يجلد مائة جلدة ويغرب، وقال سعيد بن جبير ومجاهد ومالك وأحمد: بأنه يرجم حتى ولو لم يكن محصناً، يعني: إذا فعل فعل قوم لوط فإنه يرجم ولو لم يتزوج.
وقال الشافعي في قولٍ آخر: يقتل الفاعل والمفعول به، استناداً إلى الحديث الأول الذي كان فيه كلام، واستشار أبو بكر رضي الله عنه جمهور الصحابة فرأوا أن يحرق بالنار -نعوذ بالله وإياكم من ذلك.
ويلحق بهذا شبيه اللواط وهو إتيان المرأة في دبرها، ويلحق بهذا السحاق.
والسحاق: هو أن تفعل المرأة بالمرأة شيئاً على صورة ما يفعله الرجل بالرجل فهو في حكم اللواط والعياذ بالله.
كل ما ذكر من أدلة في تحريم اللواط فإنه أيضاً يمكن أن يستدل به على تحريم السحاق لما روي أيضاً في حديث لا يصح أنه صلى الله عليه وسلم قال: (السحاق زناً بينهن) يعني: زنا بين النساء، وفي الحديث قال: (ثلاثةٌ لا يقبل الله لهم شهادة أن لا إله إلا الله: الراكب والمركوب -أي: المفعول به- والراكبة والمركوبة -أي: التي تفعل بأختها مثلها- والإمام الظالم) والعياذ بالله.
هذا كله ملحقٌ بالزنا وبما يتعلق به، نسأل الله الذي لا إله إلا هو أن يحمينا وإياكم من ذلك، وقد تستغربون -أيها الإخوة- أنني أطلت في هذا الموضوع أكثر من ست أو سبع حلقات، ولكن هذا الزمن زمن الشهوات العارمة الجارفة، نعمٌ كثيرة وفراغ وخيرات، وما هناك ضوابط إيمانية قوية عند أكثر الناس، ففشت الفاحشة، وزين الفاحشة ما متع الناس به أنفسهم من المتع المحرمة مثل الأغاني ووسائلها، من الأشرطة والفيديو والمسلسلات، وأيضاً التبرج والاختلاط وخروج النساء متزينات متعطرات، وجلوسهن مع الرجال، كل هذه الأمور تمهد وتعين على الوقوع في جريمة الزنا، ولذا كثفنا الكلام على هذا الموضوع لعل الله تبارك وتعالى أن ينقذنا بفضله من هذه الجريمة، فيلحقنا بعباده الصالحين، ويعصمنا من الزلل ومن الوقوع في هذا الخطأ الكبير، إنه ولي ذلك القادر عليه.
والله أعلم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.