ثم قال عز وجل:{وَإِنْ تُبْتُمْ}[البقرة:٢٧٩] ذلك الذي لم يرفض يأذن بحرب من الله ورسوله، والذي يتوب إلى الله:{وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ}[البقرة:٢٧٩] راجعوا حساباتكم، واشطبوا الزيادات التي أخذتموها على الناس، إن كانت قروضاً وخذوا فقط رأس المال {لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ * وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ}[البقرة:٢٧٩-٢٨٠] أي: إن كان هذا المدين الذي أخذت منه أعطيته الدين على أمد أن يرد أكثر أو أسقطت منه الربا طبعاً {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ}[البقرة:٢٨٠] أي: من توبتك لله عز وجل ألا تشد عليه وتقول: لا.
أنا أعطيتك ألف بألف ومائة الآن هاتها الآن ولا أشتكي، هات ألف والمائة سامحتك بها، لا أنظره إلى أن الله ييسر عليه، ثم قال:{وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ}[البقرة:٢٨٠] أي: إذا كان تركت شيئاً من مالك فضلاً عن ذاك الربا تركته فإن تركته كان ذلك خير لك في الدنيا والآخرة.
هذا ما يتعلق -أيها الإخوة- بالشرح الإجمالي لهذه الآيات.
فتأملوا -أيها الإخوة- كيف وعد الله آكل الربا هذا الوعد الشديد الذي يظهر لمن له بصيرة في الدين قبح هذه المعصية وشؤمها ومزيد فحشها، لما يترتب عليها من العقوبات العظيمة في الدنيا والآخرة، لا سيما محاربة الله ورسوله التي لم يترتب على شيء من المعاصي إلا على صاحب الربا والعياذ بالله.
وإذا ظهر للإنسان العاقل قبح هذا الأمر وتاب إلى الله عز وجل عن هذه الفاحشة المهلكة، فإنه يحمد الله عليها.