حسناً ما موقفك أخي المسلم أمام النمام؟ أولاً: الله عز وجل سمى النمام فاسقاً ولو كان صادقاً، قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ}[الحجرات:٦] فالله سماه فاسقاً ولو كان صادقاً؛ لأنه بمجرد نقله للكلام إليك اتسم بسمة الفسق، والفسق هو: الخروج على طاعة الله والوقوع في معصية الله، فأولاً يلزمك إذا جاءك إنسان بنميمة أن تقول له: أنت فاسق، تعلمه أنه فاسق، ثانياً: أن ترد عليه إذا أتاك وقال لك: فلان يقول ويقول، ماذا تقول؟ تقول له: لا جزاك الله خيراً، ولا كثر الله خيرك، والله لا يسامحك ولا يعفو عنك، ويجعلها في وجهك، وينصرني عليك يا عدو الله، أنت الذي سبني، أنت الذي نقل الكلام إلي، ما وجد الشيطان وسيلة غيرك، ولا وجد حماراً يركبه إلا أنت، وتأتيني بالكلام، فلان الذي تكلم في ظهري الله يسامحه، والله يعفو عنه، إنسان يستحي مني على الأقل قال الكلام في غيبتي لا يريد أن يؤذيني ويريد أن يعطيني من حسناته ويأخذ من سيئاتي فجزاه الله خيراً، أما أنت فأنت قليل الحياء، أنت الذي لا تخاف من الله ولا تستحي مني، تنقل الكلام وتأتي به إلي، لماذا تنقله، ما هدفك من نقله، تريد تتقرب إلي، تتزلف إلي، أنت تسيء إلي ولا تحسن، عندما تقول له هذا الكلام لا ينقل لك نميمة إلى يوم القيامة؛ لأن بعض الناس بالعكس إذا جاءه شخص نمام قال: ماذا تقول؟ نعم.
صحيح، حسناً من كان معكم في المجلس؟ قال: فلان، قال: كانوا معك وما أخبروني ولم يخبرني أحد إلا أنت، والله أنت الصديق الصادق يا فلان يعني: نبكيك والله! شاهد الرفقة الذين ما أتوني بالكلام وما أخبروني، وهم يأكلون كل يوم على سفرتي ويقولون: إنهم صادقون وأنهم أصدقاء، ما أتاني إلا أنت، فمدحه ونفخه، ثم رأساً يذهب في اليوم الثاني فيخترع له عشر كذبات، من أجل أن يمدح أكثر، لكن لو أنه وبخه وقمعه ورده من أول يوم لا يكذب ولا ينم أبداً.
ثالثاً: ينبغي ألا تتصرف أي تصرف بناءً على هذه النميمة ولا تحمل في قلبك لأخيك أي شيء، ولا تحمل حقداً له، ولا يغير من قلبك تجاه ذاك الذي قال عنه أي شيء؛ لأنك إن غيرت من قلبك أو كرهته أو بغضته أو حلفت عليه أو نظرت إليه نظرة امتهان أو احتقار دل على أنك تأثرت بنميمة هذا.
الرابع: ألا يحملك هذا الكلام أو النقل على التأكد، فتقول: والله أنا سأتأكد وتذهب تنشد فلاناً وتنشد فلاناً وتذهب تتجسس على الناس من أجل أن يتأكد لك أن فلان قال، لا.
هذا كله من واجبك أمام النميمة؛ لأنه إن صدقتها فقد رديت الآية الكريمة، يقول الله عز وجل:{إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ}[الحجرات:٦] .
فلا ينبغي لك -أيها المسلم- أن تكون نماماً أو أن تقبل كلاماً من نمام، بل عليك أن تكون مهما سمعت من الناس ماذا تقول؟ إذا سمعت في مجلس من المجالس شخصاً يتكلم في شخص آخر، لا تسكت تقول: يا أخي! اتركه، يا أخي! لا يجوز لك أن تتكلم في غيبة أخيك المسلم، والله ما عرفنا عليه إلا الخير، إذا كان بينك وبينه شيء يا أخي! فالواجب أنك تناصحه في وجهه، إن كنت ناصحاً له، أو يا أخي! لا تأكل لحمه، أما أن تأكل لحمه وتحضر لنا من لحمه أيضاً وتشركنا في الأكل فلا يجوز؛ لأن السامع شريك المغتاب ما لم ينهاه، والله يقول:{أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ}[الحجرات:١٢] لا يجوز لك أن تسمع كلاماً في مسلمٍ وأنت جالس، تستحي منه أو تستحي من الله، تخاف منه ولا تخاف من الله، بل عليك أن ترده وقد يتضايق بعض الناس، وبعض الناس إذا قلت له: قف يا أخي! لا تأكل لحم الناس يتضايق ولا يريدك أن توقفه، لكنه يوم القيامة يحمدك ويثني عليك، ويشكرك ويقول: جزاك الله خيراً في تلك اللحظة في ذلك اليوم الذي سمعتني فيه أغتاب فلاناً، لقد والله أوقفتني عن الشر، لكن أن تسكت وتجامله خاصة عندما يكون كبيراً، أو مسئولاً أو أعلى منك مستوى، فإنك تجامله على حساب معصية الله، لا.
عليك أن تراعي الله تبارك وتعالى ولو غضب الناس، واعلم بأن من رد عن عرض أخيه المسلم في الدنيا رد الله عن عرضه في الدنيا والآخرة.