[مشكلة الحب المحرم وحلولها]
السؤال
أنا شاب كنت متديناً، وابتليت بحب شابة وقد أحببتها حباً خالط عظمي ودمي، وقد كنت قبلُ أنظم الشعر سابقاً للدين ونصرته، وبعد ذلك أصبحت أنظم الشعر فيها، وإذا غابت عني تسود الدنيا في نظري فلا أستطيع القيام بواجبي الدراسي ولا واجبي العبادي، وأصبحت الحياة علي ثقيلة والواجبات ثقيلة، وأنا أخاف أن يطغى حبها على حب الله ورسوله فكيف الخلاص؟
الجواب
تخاف! قد انتهت المسألة، وهذه يا أخي المسلم عقوبة عاجلة لك، عندما تحولت عن الله، ابتلاك الله عز وجل بهذا المرض، وبعض الناس يتصور أن حب الحرام سهل، لا والله، هذه لعنة ومصيبة في الدنيا والآخرة على الإنسان، لأن الله تبارك وتعالى يقول: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً} [طه:١٢٤] ما هي المعيشة الضنكة؟ مثل هذه الحياة، أن تُقذف ويغريك الشيطان بحب امرأة أو بنت محرمة عليك؛ لأن هذه تعذبك ولا تستطيع أن تأكل أو أن تشرب، بعض الناس يذكرها على العشاء فيقول: آه والله لا أتعشى، ماذا بك يا ولد لا تتعشى؟ قال والله لا أذوقه، لماذا؟ لأنه تذكر، أي نعم.
وبعضهم يأتيه وهو نائم فيستيقظ ويتقلب طوال الليلة، هذا عذاب أم ليس بعذاب؟ عذاب، قال الله عز وجل {فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} [طه:١٢٤] ثم قال بعد ذلك: {وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى} [طه:١٢٧] فأنت كنت متديناً، ولكن وقعت في حب هذه البنت لأنك عصيت الله، إما بنظرة نظرتها وأنت متدين، وهذا نقوله للناس، ونقوله للشباب المتدينين خاصة: إنما الخطورة في أول نظرة، والخطورة في سماع أول أغنية، فلا تجلس أمام جهاز التلفاز أو المذياع أو المسجل فتسمع وتقول: سهلة، فربما تجرك هذه الكلمة أو هذه الأغنية ولا ترجع إلا من النار، احذر! انتبه على نفسك من استسهال المعصية وأنت تقول: سهل سهل، ثم يأتي هذا الذي قد تدين وينتكس ويصبح ألعن من أولئك.
يعني الآن لو كان هناك وعاء للقمامة وعليه كلاب القرية تأكل منه وشبعت، وأتى كلب من هناك لم يأكل بعد من هذا البرميل، فبمجرد أن يبدأ بالأكل فإنه ينبح، وكلما تلفت في كلب يحسب أنه لم يذق بعد وهم قد شبعوا من هذا البرميل، ولكن من حرصه عليها، فهذا الذي ينحرف يكون أسوأ من غيره والعياذ بالله، فهذا الرجل كان عقوبته أن أبتلاه الله عز وجل بهذه البنت في الدنيا فعلق قلبه بغير الله.
ولهذا انظر حتى إن من العذاب العاجل أنه إذا جاء ليذاكر فإنه لا يحفظ، وإذا أتى ليصلي فإنه لا يستطيع، فيأتيه الشيطان ويقول: اذهب وانظر إليها حتى تصلي بإتقان، من أجل أن يمكنه من الحرام بحجة فعل الحلال، والحرام لا يوصل باستمرار إلى الحلال، بل الحرام يوصل إلى الحرام ويفسد فعل الحلال، ونقول للأخ هذا: الخلاص في يدك وبإمكانك ألا تكون عبداً شهوانياً، ولا تكون (زير نساء) تلعب عليك النساء، وتلعب عليك الجميلات والمليحات، وأن تكون عبداً لله عز وجل، وذلك بذكر ما يفوتك من النعيم في الآخرة إن أنت وقعت في شراك هذه الغبية، واذكر ما ينالك من عذاب في النار، وافعل مقارنة ومفاضلة واعرف أن طاعة الله أولى لك، وأولاً: جمد العلاقات بهذه البنت، لا اتصال هاتفي، ولا مراسلة، ولا مرور من عند بيتهم، بل الجهة الذي أنت فيها لا تتلفت فيها؛ غيِّر الاتجاه نهائياً، وجمد العلاقات، وبعد ذلك قم من الليل ومرغ جبهتك وأنفك بين يدي مولاك، وابكِ وادع الله أن يصرف قلبك، وأن يعصمك منها، وعد إلى جناب الله، وبعد ذلك اسلك السبيل المشروع، اذهب إلى أبيك وقل له: يا أبي! أريد أن أتزوج، ليس هناك حرج، يقول أبوك: لا يوجد لدينا مال، فتقول: نخطب؛ لأن أصل الزواج مخلوف، وأيضاً الخطبة لا تكلفنا شيئاً، حتى تتحسن أمورنا ونتزوج، وأبوك لن يرفض إن شاء الله.
وإذا صاح وقال: لا، سلط على أبيك من يؤثر فيه من إخوانك أو جيرانه أو أصدقائه، أو أمك أو الأقارب، المهم اجعل لك ضغوطاً عليه من كل جهة، والأفضل لك أن تمهد قبل أن تكلمه، كما تمهد الطريق قبل رصفها، وبعد ذلك تأتي تكلمه فتجد الموافقة إن شاء الله.
واذهبوا إلى عند أهل هذه البنت واخطبوا، فإن وافقت وقبل أبوها الزواج فالحمد لله، ولكن تستمر أيضاً في تجميد العلاقات، لا تتصل بها، لماذا؟ لأن التحريك لها بمجرد الخطبة لا يعني أنها تمت فقد تفشل في النهاية، ثم بعد ذلك واصل حتى تملك، فإذا أصبحت ورقة العقد في جيبك فكلمها من الصباح إلى أن يدوخ رأسك، وليس تكلمها فقط بل اذهب إلى البيت واجلس معها واذهب أنت وإياها.
المهم افعلوا كل شيء إذا أصبحت زوجتك في جيبك، لكن الخطأ أن تشغل قلبك بالمكالمات هذا لا يحل إشكالك، هذا يقطع قلبك يحرق دينك يغضب ربك يقلق حياتك، أما تجدون الناس الذين قد سلم الله عز وجل صدورهم من هذا المرض كيف أنهم مرتاحون، يأكلون هنيئاً، وينامون هنيئاً، ويشربون هنيئاً، ويصلون هنيئاً، لكن الذي قد ابتلاه الشيطان بهذه المصيبة تصبح الدنيا كلها مظلمة في حياته، لأن هذا الحب مرض، حب الحرام حرام وهو مرض، وحب الحلال حلال وهو نعيم، إذا تزوجتها وأحببتها وأحبتك فهذه نعمة من نعم الله عز وجل عليك في الدنيا.
أسأل الله أن يتوب عليك وأن يمنعك من العذاب، واحذر يا أخي أن تواصل هذا الموضوع، حتى لا يصبح عذاباً في النار، أعوذ بالله وإياكم من النار.
وفيما لو تعذر الزواج، كأن امتنع الأب أن يزوج هذه البنت بك أيها الإنسان، فإنه يلزمك وَكَحَلٍ جذري للموضوع أن تقطع العلاقات نهائيا؛ لأنه ليس هناك فائدة؛ فالتواصل إنما يكون مع شيء يمكن أن تحصل منه على شيء، فهل هناك علاج للحب؟ ليس هناك علاج للحب إلا اللقاء، وليس هناك لقاء إلا بالزواج؛ لأن اللقاء عن طريق الحرام لا يحل المشكلة، بل يزيدها ناراً في الدنيا ويزيدها ناراً في الآخرة، فجمد العلاقات وابحث عن أخرى، وقد تقول: إنني أحب هذه البنت حباً -كما قلت- يخالط لحمك ودمك، نقول: ابحث عن واحدة أخرى وتزوج بها، وسوف تحبها حباً يخالط لحمك ودمك وعظمك ودسمك، ومثل ما أحببت تلك ستحب هذه، والنساء سواء.